تعلم (1) غير هائب ولا خائف، فقال: أقول انه عازم على الغدر بك يا أمير المؤمنين والخلاف عليك، فقال عبد الملك: وكيف لا يكذب علي من خلفي (من) (2) يبهتني في وجهي، فقال الرشيد: فهذا عبد الرحمن ابنك يقول بقول (3) كاتبك ويخبر عن سوء ضميرك وفساد نيتك، وأنت لو أردت ان تحتج بحجة لم تجد (4) أعدل من هذين، فبم تدفعهما عنك، قال: يا أمير المؤمنين! عبد الرحمن بين مأمور أو عاق، فإن كان مأمورا فمعذور، وان كان عاقا فهو عدو (5) أخبر الله بعداوته وحذر منها، فقال جل ثناؤه في محكم كتابه (6): (ان من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) فنهض الرشيد وهو يقول: أما أمرك فقد وضح، ولكن لا أعجل حتى أعلم ما الذي يرضى الله فيك فإنه الحكم بيني وبينك، فقال عبد الملك: رضيت بالله حكما وبأمير المؤمنين حاكما، فاني أعلم انه يؤثر كتاب الله جل ثناؤه على هواه وأمر الله على رضاه.
قال: فلما كان بعد ذلك جلس مجلسا آخر فسلم لما دخل، فلم يرد عليه ( الرشيد) (7)، فقال عبد الملك: يا أمير المؤمنين! ليس هذا أحتج فيه فلا أجاذب (8) منازعا وخصما، قال: ولم؟ قال: لان أوله جرى على غير السنة، فأنا أخاف آخره، قال: وما ذاك؟ قال: لم ترد علي السلام، فلم أنصف نصفة العوام، قال: السلام عليك اقتداء بالسنة وايثارا للعدل واستعمالا للتحية، ثم التفت نحو سليمان بن (أبي) (9) جعفر وهو يخاطب بكلامه عبد الملك فقال: