ثم أتاهم بهذا لم يكن القوم آمنين. ومن تأمل قوله تعالى (ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين) (1) يتضح عنده هذا المعنى. وقد تقول عليه غيره بعض الأقاويل (ص 157) نحو مسيلمة ونظرائه ممن ادعى الرسالة، ولم يصبهم في الدنيا. فعرفنا أن حال الرسل فيما يخبرون به عمن أرسلهم لا يكون كحال غيرهم.
704 - وكذلك إن كان الرسول ذميا أو حربيا مستأمنا.
لان ثبوت هذا الأمان من جهة أمير العسكر لا من جهة الرسول. فان الرسول في حصنهم غير ممتنع منهم. فلا يصح أمانه من جهة نفسه.
ثم هذا التقصير كان من جهة الأمير حين اختار لرسالته كافرا خائنا وهو منهي عن ذلك.
ألا ترى إلى ما روى أن عمر رضي الله عنه قال لأبي موسى رضي الله عنه : مر كاتبك فليدخل المسجد وليقرأ هذا الكتاب.
فقال: إن كاتبي لا يدخل المسجد.
قال: ولم؟ أجنب هو؟
قال: لا، ولكنه نصراني.
فقال: سبحان الله، اتخذت بطانة من دون المؤمنين؟ أما سمعت قوله تعالى (لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا) (2).
أي. لا يقصرون في إفساد أموركم.
705 - فإن قال الرسول: إني قلت لهم هذا الذي ادعوا، ولا نعلم ذلك إلا بقوله، وقد فتح الحصن وسباهم المسلمون، لم يصدق على ذلك.