شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٧٦٥
أن يفر من الثلاثة ولا يحل له أن يفر من الواحد ولا من الاثنين. قال تعالى (وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله) (1) فبه تبين الفرق بين الاثنين والثلاثة، وأن حكم الاثنين كحكم الواحد. ولكن هذا إذا كان معه السلاح، وهو يطمع (ص 257) في أن ينتصف من اثنين. فأما إذا لم يكن معه سلاح ولا يطمع في أن ينتصف منهما فلا بأس بأن ينحاز (2) إلى فئة ولا يلقى بيده إلى التهلكة.
والوجه الثاني للاستحسان أنه إن قتله قوم لا منعة لهم من المسلمين فلهم السلب. وإن قتله قوم لهم منعة لم يكن لهم السلب.
لان الذين لا منعة لهم حكمهم حكم الواحد.
ألا ترى أنهم لو دخلوا دار الحرب على وجه التلصص لم يخمس ما أصابوا، بخلاف ما إذا كانوا أهل منعة في حكم التنفيل، لأنه بصحة التنفيل فيه يبطل حق أرباب الخمس عنه.
والوجه الثالث أنه إن قتله قوم يرى الامام والمسلمون أن ذلك القتيل كان ينتصف منهم لو خلى بينه وبينهم فلهم سلبه، وإن كان لا ينتصف منهم لم يكن لهم سلبه.
لان المقصود التحريض وإنما يتحقق معنى التحريض على قتل من ينتصف منهم دون من لا ينتصف.
قال: وكل هذا واسع إن أمضاه الامام ورآه عدلا.
وليس مراده أن كل هذا حق، وإنما مراده أن كل هذا طريق الاجتهاد.

(١) سورة الأنفال، ٨، الآية ٦٦.
(٢) في حاشية ه‍ " من الحوز كما في القرآن " أو متحيزا إلى فئة " أي مائلا إلى جماعة مسلمين سوى التي فر منها. المغرب ".
(٧٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 760 761 762 763 764 765 766 767 768 769 770 ... » »»