شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٣٦
وكنا كندماني جذيمة حقبة * من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا * لطول اجتماع لم نبت ليلة معا (1) أنا والله لو شهدتك ما زرتك، ولو شهدتك ما دفنتك إلا في مكانك الذي مت فيه.
وإنما قالت ذلك لاظهار التأسف عليه حين مات في الغربة، ولاظهار عذرها في زيارته. فإن ظاهر قوله عليه السلام: " لعن الله زوارات القبور " يمنع النساء من زيارة القبور. والحديث وإن كان مؤولا فلحشمة ظاهرة قالت ما قالت.
وفيه دليل أن الأولى أن يدفن القتيل والميت في المكان الذي مات فيه في مقابر أولئك القوم. ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات في حجرة عائشة رضي الله عنها دفن في ذلك الموضع؟
304 - قال. ولو نقل ميلا أو ميلين أو نحو ذلك فلا بأس به.
وفى هذا بيان أن النقل من بلد إلى بلد مكروه، لأنه قدر المسافة التي لا يكره النقل فيها بميل أو ميلين. وهذا لأنه اشتغال بما لا يفيد (62 ب) فالأرض كلها كفات للميت. قال الله تعالى {ألم نجعل الأرض كفاتا (2) أحياء وأمواتا} (3). إلا أن الحي ينتقل من موضع إلى موضع لغرض له في ذلك،

(1) الأبيات من قصيدة لمتمم بن نويرة يرثى بها أخاه مالك بن نويرة. انظر المفضليات 2: 63 وفى هامش ق " كان (جذيمة من ملوك (؟) فقد ابن أخته فقال: من وجده أعطه ما يشتهى على. فوجده رجلان فاشتهيا عليه أن يجعلهما ندمانيه. ففعل ولم يفارقاه حتى مات. فجعل ذلك مثل في العرب لكل من لازم أحدا. من خط الحصيري ".
(2) في هامش ق " الكفات بالكسر الموضع يكف فيه الشئ أي يضم ويجمع. والأرض كفات لنا. قاموس ".
(3) سورة المرسلات، 77، الآية 25، 26.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»