فانصرف أبو برزة من صلاته فقال: من هذا الشاتم لي آنفا؟ إنا صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأينا من يسره. ولو كنت تركت فرسي حتى تباعد ثم طلبته شق عليه. فقال القوم للرجل: ما كان ينتهى بك خبثك حتى تتناول رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تسبه!.
ففي هذا دليل على أنه لا بأس للغازي أن يأخذ بعنان فرسه في الصلاة، لأنه يبتلى به من ليس له سائس. وإن (1) مشى في صلاته عند تحقق الحاجة يسيرا وهو مستقبل القبلة لم تفسد صلاته. ألا ترى أن أبا بكر رضي الله عنه كبر عند باب المسجد وركع ودب راكعا حتى التحق بالصف. ولو استدبر القبلة في مشيه حتى جعلها خلف ظهره كان مفسدا لصلاته لا لمشيه بل لتفويت شرط الجواز وهو استقبال القبلة. وكأن الرجل استعظم مشيه في الصلاة لأجل الفرس فنال منه لأنه لم يعرفه، فاستعظم فعله. ثم بين أبو برزة أنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى من يسره، يريد من تيسيره على الناس فعلا وقولا على ما قال عليه السلام: " خير دينكم اليسر " فبين عذر نفسه ولم يشتغل بمكافأة من نال منه ففعل ذلك القوم على وجه النيابة عنه. وهذا هو الطريق المحمود في المعاشرة مع الناس.
308 - قال: ولا بأس للغزاة (63 آ) وغيرهم من المسافرين أن يصلوا على دوابهم حيث ما كانت وجوههم تطوعا يومون إيماء.
وهذا لان التطوع مستدام غير مختص بوقت. والظاهر أن المسافر يلحقه الحرج في النزول واستقبال القبلة في كل وقت، فذلك يشبه (2) العذر لاثبات هذه الرخصة له إذا أراد استدامة الصلاة.