بها أبا موسى - وكان يغيظه لحسد كان بينهما - فقال لي أبو موسى: إنما مالوا إليه لأن سيبويه من الجن.
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي، أخبرنا محمد بن جعفر التميمي، حدثنا أبو العباس محمد بن الحسن، حدثنا ثعلب عن سلمة قال: لما دخل سيبويه من البصرة إلى مدينة السلام، أتى حلقة الكسائي وفيها غلمانه الفراء، وهشام، ونحوهما، فقال الفراء للكسائي: لا تكلمه ودعنا وإياه، فإن العامة لا تعرف ما يجري بينكما وتغليبها بالظاهر، فدعنا وإياه، فلما جلس سيبويه سأل عن مسائل والفراء يجيب ثم قال له الفراء: ما تقول في قول الشاعر:
- تمت بقربي الزينبين كلاهما * إليك وقربي خالد وسعيد - فلحق سيبويه حيرة السؤال، وقال: أريد أمضي لحاجة وأدخل، فلما خرج قال الفراء لأهل الحلقة قد جاء وقت الانصراف فقوموا بنا فقاموا، فخرج سيبويه فذكر علة البيت، فرجع فوجدهم قد انصرفوا.
أخبرنا هلال بن المحسن الكاتب، أخبرنا أحمد بن محمد بن الجراح الخزاز.
وأخبرنا محمد بن علي الوراق قال: حدثنا المعافى بن زكيرا قالا: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، أخبرنا أبو بكر مؤدب ولد الكيس بن المتوكل، حدثنا أبو بكر العبدي النحوي قال: لما قدم سيبويه إلى بغداد فناظر الكسائي وأصحابه، فلم يظهر عليهم، سأل من يبذل من الملوك ويرغب في النحو؟ فقيل له: طلحة بن طاهر، فشخص إليه إلى خراسان، فلما انتهى إلى ساوة مرض مرضه الذي مات فيه، فتمثل عند الموت:
- يؤمل دنيا لتبقى له * فوافى المنية دون الأمل - - حثيثا يروي أصول الفسيل * فعاش الفسيل ومات الرجل - أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري، أخبرنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي، أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المتوكل، أخبرنا أبو الحسن المدائني قال: قال أبو عمرو بن يزيد: احتضر سيبويه النحوي، فوضع رأسه في حجر أخيه فأغمي عليه، قال: فدمعت عين أخيه فأفاق فرآه يبكي فقال:
- وكنا جميعا، فرق الدهر بيننا * إلى الأمد الأقصى، فمن يأمن الدهرا؟