سلام قال: كان سيبويه النحوي مولى بني الحارث بن كعب غاية الخلق في النحو، وكتابه هو الإمام فيه. وكان الأخفش أخذ عنه وكان أفهم الناس في النحو.
أنبأني القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي المصري، أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن خرزاذ النجيرمي، أخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد المهلبي، أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن الروذباري، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الملك التاريخي قال: حدثني المروزي - يعني محمد بن يحيى ابن سليمان - عن الجاحظ قال: أردت الخروج إلى محمد بن عبد الملك ففكرت في شئ أهديه له، فلم أجد شيئا أشرف من كتاب سيبويه. فقلت له: أردت أن أهدي لك شيئا ففكرت فإذا كل شئ عندك، فلم أر أشرف من هذا الكتاب، وهذا كتاب اشتريته من ميراث الفراء. فقال: والله ما أهديت إلى شيئا أحب إلى منه. قال التاريخي:
وحدثني ابن الأعلم حدثنا محمد بن سلام قال: كان سيبويه النحوي جالسا في حلقة بالبصرة فتذاكرنا شيئا من حديث قتادة، فذكر حديثا غريبا، وقال: لم يرو هذا إلا سعيد بن أبي العروبة. فقال له بعض ولد جعفر: ما هاتان الزيادتان يا أبا بشر؟ قال:
هكذا يقال لأن العروبة يوم الجمعة. فمن قال عروبة فقد أخطأ.
قال ابن سلام: فذكرت ذلك ليونس. فقال أصاب، لله دره.
وقال التاريخي: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال: سمعت ابن عائشة يقول:
كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد وكان شابا جميلا نظيفا قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم مع حداثة سنة وبراعته في النحو، فبينا نحن عنده ذات يوم إذ هبت ريح أطارت الورق. فقال لبغض أهل الحلقة: انظر أي الريح هي. وكان على منارة المسجد تمثال فرس، فنظر ثم عاد فقال: ما ثبت الفرس على شئ. فقال سيبويه: العرب تقول في مثل هذا قد تذاءبت الريح وتذابت أي فعلت فعل الذئب، وذلك أن يجيء من ههنا وههنا ليختل، فيتوهم الناظر أنه عدة ذئاب.
أخبرنا القاضي أبو الطيب الطبري، وأحمد بن عمر بن روح قالا: حدثنا المعافى ابن زكريا، حدثنا محمد بن عبد الواحد، أخبرني أبو الحسن بن كيسان قال: سهرت ليلة أدرس قال ثم نمت فرأيت جماعة من الجن يتذاكرون بالفقه، والحديث، والحساب، والنحو، والشعر، قال: قلت: أفيكم علماء؟ قالوا: نعم! قال: فقلت - من همى بالنحو - إلى من تميلون من النحويين؟ قالوا: إلى سيبويه. قال أبو عمر: فحدثت