الأعرابي يصف أحدا بمثل ما يصف به إسحاق من العلم والصدق والحفظ، وكان كثيرا ما يقول: أسمعتم أحسن من ابتدائه في قوله:
هل إلى أن تنام عيني سبيل * إن عهدي بالنوم عهد طويل؟
هل تعرفون من شكا نومه بمثل هذا اللفظ الحسن.
وقال محمد بن يحيى: سمعت إبراهيم بن إسحاق الحربي يقول: كان إسحاق الموصلي ثقة صدوقا عالما، وما سمعت منه شيئا، ولوددت أني سمعت منه وما كان يفوتني منه شيء لو أردته. قال محمد: وسمعت أحمد بن يحيى النحوي يقول نحو هذا القول.
وقال المرزباني: أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم، عن أبيه قال: أخبرني أحمد بن القاسم الهاشمي، عن إسحاق بن إبراهيم. قال: دعاني المأمون وعنده إبراهيم بن المهدى وفي مجلسه عشرون جارية قد أقعد عشرا عن يمينه، وعشرا عن يساره معهن العيدان يضربن بها، فلما دخلت سمعت من الناحية اليسرى خطأ فأنكرته، فقال المأمون: يا إسحاق أتسمع خطأ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال لإبراهيم بن المهدى: هل تسمع خطأ؟ قال: لا. فأعاد علي السؤال. فقلت: بلى والله يا أمير المؤمنين، وإنه لفي الجانب الأيسر، فأعاد إبراهيم سمعه إلى الناحية اليسرى ثم قال: لا والله يا أمير المؤمنين ما في هذه الناحية خطأ. فقلت: يا أمير المؤمنين مر الجواري اللواتي على الميمنة أن يمسكن، فأمرهن فأمسكن، ثم قلت لإبراهيم: هل تسمع خطأ فتسمع ثم قال: ما ها هنا خطأ. فقلت: يا أمير المؤمنين يمسكن وتضرب الثامنة، فأمسكن وضربت الثامنة، فعرف إبراهيم الخطأ فقال: نعم يا أمير المؤمنين ها هنا خطأ. فقال عند ذلك المأمون: يا إبراهيم لا تمار إسحاق بعد اليوم، فإن رجلا فهم الخطأ بين ثمانين وترا، وعشرين حلقا، لجدير بأن لا تماريه! فقال: صدقت يا يا أمير المؤمنين.
أخبرنا تركان بن الفرج الباقلاني، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم العطار - إملاء - حدثنا أبو العباس - وهو أحمد بن يحيى ثعلب. قال: قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: استبطأني أبو زياد - يعني الكلابي - فقال:
نزورك يا ابن الموصلي لحاجة * ونفعل يا ابن الموصلي قليل