أثر التوليد فيه! فقلت له: لا جرم أن أثر الحسد فيك! قال أبو بكر: وقد أعجب هذا المعنى إسحاق فردده في شعره فقال:
أيها الظبي الغرير * هل لنا منك مجير إن ما نولتنا منك * وإن قل كثير وكان إسحاق يظن أنه ما سبق إلى هذا المعنى حتى أنشد لأعرابي:
قفى ودعينا يا مليح بنظرة * فقد حان منا يا مليح رحيل أليس قليلا نظرة إن نظرتها * إليك وكل منك ليس قليل قال: فحلف إسحاق أنه ما كان سمعه.
أخبرني الحسين بن علي الصيمري، حدثنا محمد بن عمران بن موسى الكاتب، أخبرني محمد بن يحيى، حدثني عون بن محمد الكندي، أن محمد بن عطية العطوي الشاعر حدثه أنه كان عند يحيى بن أكثم في مجلس له يجتمع الناس فيه.
فوافى إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فأخذ يناظر أهل الكلام حتى انتصف منهم، ثم تكلم في الفقه فأحسن، وقاس واحتج، وتكلم في الشعر واللغة، ففاق من حضر، فأقبل على يحيى فقال: أعز الله القاضي، أفي شيء مما ناظرت فيه وحكيته نقص أو مطعن؟ قال: لا. قال: فما بالي أقوم بسائر هذه العلوم قيام أهلها وأنسب إلى فن واحد قد اقتصر الناس عليه؟ قال العطوي: فالتفت إلي يحيى بن أكثم فقال: جوابه في هذا عليك. قال: وكان العطوي من أهل الجدل. فقلت: نعم أعز الله القاضي، الجواب علي. ثم أقبلت على إسحاق فقلت: يا أبا محمد أنت كالفراء والأخفش في النحو؟ قال: لا، قلت: أفأنت في اللغة وعلم الشعر كالأصمعي وأبي عبيدة؟ قال: لا.
قلت: أفأنت الهذيل والنظام؟ قال: لا. قلت: أفأنت في الفقه كالقاضي؟ قال: لا.
قلت: أفأنت في قول الشعر كأبي العتاهية وأبي نواس؟ قال: لا. قلت: فمن هاهنا نسبت إلى ما نسبت إليه لأنه لا نظير لك فيه ولا شبيه، وأنت في غيره دون رؤساء أهله، فضحك وقام فانصرف، فقال لي يحيى بن أكثم: لقد وفيت الحجة حقها، وفيها ظلم قليل لإسحاق. وإنه لممن يقل في الزمان نظيره.
قرأت على الحسن بن علي الجوهري، عن أبي عبيد الله المرزباني قال: أخبرني محمد بن يحيى النديم، حدثنا محمد بن عبد الله الحزنبل قال: ما سمعت ابن