قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ٤٣٦
بل ظاهر خبر أبي بصير الصحابي - المتقدم - كونه بصيرا، كيف لا؟ وفيه أنه قال لمن أرسلته قريش لرده إليهم: " أرني سيفك أنظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد " وأن النبي (صلى الله عليه وآله) قال في حق أبي بصير: " ويل أمه مسعر حرب! لو كان معه أحد " وفي آخره: فمات - أي أبو بصير - وكتاب النبي بيده يقرأه.
وفي خبر وقت صلاة فجر الاستبصار " عاصم، عن أبي بصير المكفوف " (1) ولو كان معنى " أبي بصير " الأعمى لكان الوصف لغوا. كما أنه لو كان ليث كيحيى مكفوفا كان القيد أيضا زائدا.
وكذلك قول ابن فضال في الخبر الثاني عشر: " وكان يحيى مكفوفا " كان لغوا لو كان معنى " أبي بصير " ذلك، أو كان كل من يحيى وليث مكفوفا.
وقول القهبائي: " إن يحيى صار أعمى وليث كان أكمه " استنادا إلى ما في خبر الكشي الرابع عشر " تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرؤوا الأكمه والأبرص " فغلط في غلط، فصرح العقيقي بأن يحيى ولد مكفوفا، والخبر قد عرفت وروده في يحيى، ولو كان دالا على كمهه لكان دالا على برصه وعلى موته، وإنما يكفي في أن يقول لهم (عليهم السلام) ذاك الكلام بجملته من صار أعمى وأراد طلب الإبصار منهم (عليهم السلام) (2). وبالجملة: كونه أعمى أيضا غير محقق.
الخامس في بيان حاله:
قد تبين لك مما نقلنا من كلمات علماء الرجال فيه عدم تصريح أحد منهم بوثاقة شخصه، وإنما وثق ابن الغضائري حديثه، والكشي إنما روى فيه أخبارا مختلفة، والشيخ والنجاشي أهملاه ولم يرجحا شيئا من أخبار المدح والقدح.
وأما قول النجاشي: " له كتاب يرويه جماعة " وإن جعله بعضهم من ألفاظ المدح إلا أنه غلط، فقال النجاشي في حق وهب بن وهب القاضي هذه الجملة، مع

(١) الاستبصار: ١ / 276.
(2) كذا، والعبارة من قوله: " وإنما يكفي... الخ " لا تخلو من اغتشاش.
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»
الفهرست