قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ١٥٢
وعمر ينفذان حكما حتى يسألانه عنه فما رأى إنفاذه نفذاه وما لم يره رداه وهو دخل من بني هاشم في الشورى، ولعمري! لو قدر أصحابه على دفعه عنه كما دفعوا العباس عنه ووجدوا إلى ذلك سبيلا لدفعوه.
فأما تقديمكم العباس عليه فإن الله تعالى يقول: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) والله! لو كان مما كان في أمير المؤمنين (عليه السلام) من المناقب والفضائل والآي المفسرة في القرآن به خلة واحدة في رجل واحد من رجالكم أو غيره لكان مستأهلا متأهلا للخلافة مقدما على أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتلك الخلة، ثم لم تزل الأمور تتراقى به إلى أن ولي أمور المسلمين، فلم يعن بأحد من بني هاشم إلا بعبد الله بن عباس تعظيما لحقه وصلة لرحمه وثقة به فكان من أمره الذي يغفر الله له، ثم نحن وهم يد واحدة كما زعمتم حتى قضى الله تعالى بالأمر إلينا فأخفناهم وضيقنا عليهم وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم، ويحكم! إن بني أمية إنما قتلوا منهم من سل سيفا وإنا معشر بني العباس قتلناهم جملا فلتسألن أعظم الهاشمية بأي ذنب قتلت ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات ونفوس دفنت ببغداد والكوفة أحياء، هيهات أنه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
وأما ما وصفتم من أمر المخلوع وما كان فيه من لبس فلعمري! ما لبس عليه أحد غيركم إذ هونتم عليه النكث وزينتم له الغدر وقلتم له ما عسى أن يكون من أمر أخيك وهو رجل مغرب ومعك الأموال والرجال تبعث إليه فيؤتى به فكذبتم ودبرتم ونسيتم قوله تعالى: ومن بغى عليه لينصرنه الله.
وأما ما ذكرتم من أمر المأمون في البيعة لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) فما بايع له المأمون إلا مستبصرا في أمره عالما بأنه لم يبق أحد على ظهرها أبين فضلا ولا أظهر عفة ولا أورع ورعا ولا أزهد زهدا في الدنيا ولا أظلف نفسا ولا أرضى في الخاصة والعامة ولا أشد في ذات الله منه، وأن البيعة له لموافقة رضى الرب عز
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست