كتاب سماه " نديم الفريد " يقول فيه: كتب بنو هاشم إلى المأمون كتابا يسألونه جوابهم (إلى أن قال) قال المأمون: لولا أن يقول قائل: إن المأمون ترك الجواب عجزا لما أجبتكم من سوء أخلاقكم وقلة أخطاركم وركاكة عقولكم: أما بعد، فإن الله تعالى بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) على فترة من الرسل وقريش في أنفسها وأموالها لا يرون أحدا يساميهم ولا يباريهم، فكان نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) أمينا من أوسطهم بيتا وأقلهم مالا، وكان أول من آمن به خديجة بنت خويلد فواسته بمالها، ثم آمن به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) سبع سنين لم يشرك بالله شيئا طرفة عين، لم يعبد وثنا ولم يأكل ربا ولم يشاكل الجاهلية في جهالاتهم، وكانت عمومة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إما مسلم مهين وإما كافر معاند إلا حمزة، وأما أبو طالب فإنه كفله ورباه فلم يزل مدافعا عنه ومانعا منه، فلما قبض الله أبا طالب هم به القوم وأجمعوا عليه ليقتلوه فهاجر إلى القوم الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم فلم يقم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد من المهاجرين كقيام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه آزره ووقاه بنفسه وقام في مضجعه، ثم لم يزل بعد متمسكا بأطراف الثغور وينازل الأبطال، ولا ينكل عن قرن ولا يولي عن جيش منيع القلب، يؤمر على الجميع ولا يؤمر عليه أحد، أشد الناس وطأة على المشركين وأعظمهم جهادا في سبيل الله وأفقههم في دين الله وأقرأهم لكتاب الله وأعرفهم بالحلال والحرام، وهو صاحب الولاية في حديث غدير خم وصاحب قول النبي (صلى الله عليه وآله): " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وصاحب يوم الطائف، وكان أحب الخلق إلى الله تعالى وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، وصاحب الباب فتح له وسد أبواب المسجد وصاحب الراية يوم خيبر وصاحب عمرو بن عبد ود، وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين آخى بين المسلمين، وهو صاحب آية: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) وهو زوج فاطمة سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة وهو ختن خديجة، وهو ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفله ورباه وهو ابن أبي طالب في نصرته وجهاده، وهو نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم المباهلة وهو الذي لم يكن أبو بكر
(١٥١)