قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ١٥٤
اهتدى إليها ولا أمر بالعمل عليها، وقد أخبر تعالى في كتابه العزيز عن قوم صالح أنه كان فيهم: (تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون) فأيكم ليس معه تسعة وتسعون مفسدين في الأرض قد اتخذتموهم شعارا ودثارا استخفافا بالمعاد وقلة يقين بالحساب، وأيكم له رأي يتبع أو روية تنفع.
وأما ما ذكرتم من العثرة في أبي الحسن (عليه السلام) فلعمري! إنها عندي للنهضة والاستقلال الذي أرجو به قطع الصراط والأمن والنجاة من الخوف يوم الفزع الأكبر، ولا أظن عملت عملا هو عندي أفضل من ذلك إلا أن أعود بمثلها إلى مثله، وأين لي بذلك وأنى لكم بتلك السعادة.
وأما قولكم إني سفهت آراء آبائكم وأحلام أسلافكم فكذلك قال مشركو قريش: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) ويلكم! إن الدين لا يؤخذ إلا عن الأنبياء فافقهوا وما أراكم تعقلون.
وأما تعبيركم إياي بسياسة المجوس إياكم، ولعمري! لقد كانوا مجوسا فأسلموا كآبائنا وأمهاتنا في القديم، فهم المجوس الذين أسلموا وأنتم المسلمون الذين ارتدوا ومجوسي أسلم خير من مسلم ارتد، فهم يتناهون عن المنكر ويأمرون بالمعروف ويتقربون من الخير ويتباعدون من الشر ويذبون عن حرم المسلمين يتباهجون بما نال الشرك وأهله من النكر ويتباشرون بما نال الإسلام وأهله من البشر.
وليس منكم إلا لاغب (1) بنفسه مأفون في عقله وتدبيره إما مغن أو ضارب دف أو زامر، والله! لو أن بني أمية الذين قتلتموهم بالأمس نشروا اليوم (لأنفوا من معائب فيكم) (2) ليس فيكم الأمن إذا مسه الشر جزع وإذا مسه الخير منع، لا ترجعون إلى خشية ولا تأنفون وكيف يأنف من يبيت مركوبا ويصبح بإثمه معجبا كأنه قد اكتسب حمدا! غايته بطنه وفرجه، لا يبالي أن ينال شهوته بقتل ألف نبي... الخ (3).

(1) في الطرائف: لاعب.
(2) في الطرائف: لا تأنفوا في معائب تنالونهم بها.
(3) الطرائف: 275 - 282.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست