قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ١٥٣
وجل ولقد جهدت ولا أجد في الله لومة لائم، ولعمري! أن لو كانت بيعتي بيعة محاباة لكان العباس ابني وسائر ولدي أحب إلى قلبي وأحلى في عيني، ولكن أردت أمرا وأراد الله أمرا فلم يسبق أمري.
وأما ما ذكرتم مما مسكم من الجفاء في ولايتي فلعمري! ما كان ذلك إلا منكم بمظافرتكم علي مما يلتكم أخاى (1) فلما قتلته وتفرقتم عباديد فطورا إتباعا لأبي خالد وطورا إتباعا لأعرابي وطورا إتباعا لابن شكلة ثم لكل من سل سيفا علي، ولولا أن شيمتي العفو وطبيعتي التجاوز ما تركت على وجهها أحدا منكم فكلكم حلال الدم محل بنفسه.
وأما ما سألتم من البيعة للعباس أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي خير، ويلكم! إن العباس غلام حدث السن ولم يؤنس رشده (إلى أن قال) وأما ما كنت أردته من البيعة لعلي بن موسى بعد استحقاق منه لها في نفسه واختيار مني له فما كان ذلك مني إلا أن أكون الحاقن لدمائكم والذائد عنكم باستدامة المودة بيننا وبينهم، وهي الطريق أسلكها في إكرام آل أبي طالب ومواساتهم في الفيء بيسير ما يصيبهم منه، وإن تزعموا أني أردت أن يؤول إليهم منفعة فإني في تدبيركم والنظر لكم ولعقبكم وأبنائكم من بعدكم وأنتم ساهون لاهون في غمرة تعمهون، لا تعلمون ما يراد بكم وما أظلكم من النقمة وابتزاز النعمة، همة أحدكم أن يمسي مركوبا ويصبح مخمورا تتباهون بالمعاصي وتبتهجون بها آلهتكم البرابط مخنثون مؤنثون لا يتفكر متفكر منكم في إصلاح معيشة ولا اصطناع مكرمة ولا كسب حسنة يمد بها عنقه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، أضعتم الصلاة واتبعتم الشهوات وأكببتم على اللذات فسوف تلقون غيا، وأيم الله! لربما أفكر في أمركم فلا أجد أمة من الأمم استحقوا العذاب حتى نزل بهم، لخلة من الخلال إلا أصبت تلك الخلة بعينها فيكم مع خلال كثيرة لم أكن أظن أن إبليس

(1) في الطرائف: إياه.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست