قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ٥٢٥
الستر بيني وبينهم لئلا يفطنون بي ولا يمتنع كل واحد منهم أن يأتي بأصله لهيبتي، قال: فوجه يحيى فأشحن المجلس من المتكلمين، وكان منهم: ضرار بن عمرو، وسليمان بن جرير، وعبد الله بن يزيد الأباضي، وموبذ بن موبذ، ورأس الجالوت؛ قال: فسألوا فتكافوا وتناظروا وتقاطعوا وتناهوا إلى شاذ من مشاذ الكلام، كل يقول لصاحبه: لم تجب، ويقول: قد أجبت؛ وكان ذلك من يحيى حيلة على هشام، إذ لم يعلم بذلك المجلس واغتنم ذلك لعلة كان أصابها هشام بن الحكم، فلما تناهوا إلى هذا الموضع، قال لهم يحيى: أترضون في ما بينكم هشاما؟ قالوا: قد رضينا أيها الوزير، وأنى لنا به وهو عليل! فقال يحيى: فأنا أوجه إليه فأسأله أن يتجشم المشي؛ فوجه إليه فأخبره بحضورهم وأنه إنما منعه أن يحضره أول المجلس اتقاء عليه من العلة، فإن القوم قد اختلفوا في المسائل والأجوبة وتراضوا بك حكما بينهم، فإن رأيت أن تتفضل وتحمل على نفسك فافعل. فلما صار الرسول إلى هشام قال لي: يا يونس قلبي ينكر هذا القول ولست آمن أن يكون هاهنا أمر لا أقف عليه، لأن هذا الملعون يحيى بن خالد قد تغير علي لأمور شتى، وقد كنت عزمت إن من الله علي بالخروج من هذه العلة أن أشخص إلى الكوفة وأحرم الكلام بتة وألزم المسجد ليقطع عني مشاهدة هذا الملعون - يعني يحيى بن خالد - قال: قلت: جعلت فداك! لا يكون إلا خيرا، فتحرز ما أمكنك، فقال لي: يا يونس أترى التحرز عن أمر يريد الله إظهاره على لساني أنى يكون ذلك! ولكن قم بنا على حول الله وقوته. فركب هشام بغلا كان مع رسوله وركبت أنا حمارا كان لهشام، قال: فدخلنا المجلس فإذا هو مشحون بالمتكلمين، قال:
فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه وسلم على القوم وجلس قريبا منه، وجلست أنا حيث انتهى بي المجلس، قال: فأقبل يحيى على هشام بعد ساعة، فقال: إن القوم حضروا وكنا مع حضورهم نحب أن تحضر، لا لأن تناظر، بل لأن نأنس بحضورك إن كانت العلة تقطعك عن المناظرة، وأنت بحمد الله صالح وليست علتك بقاطعة من المناظرة، وهؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بينهم؛ قال، فقال هشام: ما
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»