الرابع - انه لو فرض الشك في حدسية هذه التوثيقات فلا يزيد ذلك مع تسليم الوجوه الثلاثة السابقة على الاحتمال.
ولا شك في جري العقلاء وبنائهم على ترتيب الآثار على الاخبار وان احتمل ان منشأها الحدس ولذا لم نجد خارجا من ناقش في أخبار المخبرين بحجة احتمال حدسيتها بل ولا نجد العقلاء يسألون عن منشأ الحكم ما دام ظاهرا في الشهادة الحسية.
نعم لو كان الخبر مظنون الحدس أما لطبيعة الخبر بأن كان يتعذر ملاحظته حسيا ولبعد زمان المخبر فلا مجال معه للاعتماد عليه لعدم الدليل على اعتبار الاخبار المظنونة الحدس لا بدليل لفظي لقصور مقتضيها إذ أن ما دل على اعتبار أخبار الثقات - لو سلم أصل الاعتبار - ظاهر فيما يروونه عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) أو غيرهم بالحس لا بغيره.
كما أن السيرة لا تفي لا ثبات ذلك لعدم جريانها على ذلك كما عرفت ولو سلم وقوع ذلك في بعض الموارد فهو من باب الاطمئنان بمقتضى الخبر الحدسي..
- ان قلت إنه مع تسليم هذه الوجوه الأربعة فإنه لا يسلم ثبوت الوثاقة بشهادة أصحاب الكتب الرجالية لان الحكم بالوثاقة خاضع للمبنى الذي يختاره الشاهد ولعل منهم من كان يبني على أصالة الوثاقة فيحكم بوثاقة كل غير معلوم الكذب.
قلنا إن هذا الوجه مما لا وجه له لان المراد من تصنيف الكتب تمييز من ثبتت صحته ممن ثبت ضعفه وإعمال المزيد من العناية في ذلك لقيام فقه آل محمد على ما يكتبون ويشهدون.
وكيف يتصور انهم كانوا يكتفون بمجرد عدم ظهور الكذب من نعت الراوي بالوثاقة وتجويز العمل باخباره.