بالعدل وهي قوله تعالى في ذيل الآية المباركة الظاهر في التعليل (ان تصيبوا قوما بجهالة) مما يدل على أن عدم الاعتداد بخبر الفاسق لجهة تأديته إصابة الناس بما هو غير محمود اعتمادا على خبر من لا يركن إليه ولا يعتمد عليه.
وهذه العلة تجعل خبر الثقة خارجا عن دائرة المنطوق في عدم حجية خبر الواحد الفاسق مطلقا.
وذلك لان خبر الثقة مما اعتمده العقلاء قديما وحديثا وساروا على مقتضى قوله ورتبوا الآثار العامة والخاصة عليه كما أن اعتماد خبره من المرتكزات الثابتة في ذهن العقلاء والمتشرعة على السواء.
وهذا الارتكاز مع التعليل المتقدم يحتم حمل الامر الوارد بالتبين على الارشاد إلى لزوم التثبت في أخبار غير المعتمدين.
وثالثا - انه لو سلم تمامية المفهوم وعدم قدح الوجه الثاني فيه فغايته ثبوت إطلاق في المنطوق وهو قابل للتقييد بالقرينة الارتكازية المتقدمة. فضلا عن أن الارتكازيات تشكل قرائن متصلة بالخطاب تمنع الاطلاق فيه من رأس.
ثم لو سلم انعقاد اطلاق في المنطوق يشمل الثقة وانعقاد المفهوم في حجية خصوص خبر العدل فيمكن تقييد اطلاق المنطوق بالمزيد من القرائن الدالة على جواز الاعتماد على أخبار الثقات وذلك لان مدلول المفهوم ذو صفة إيجابية تثبت عدم لزوم تبين خبر العدل ولا يتنافى مع ثبوت عدل آخر بقرينة منفصلة مستثنية من اطلاق المفهوم.
ورابعا - ان أصل الاستدلال بالآية على شرطية العدالة ممنوع تبعا لما نقحناه أكثر من مرة بإفادة الخبر الصادر من الثقات للاطمئنان ولزوم التبين الوارد في الآية وسواء كان من باب الحكم أو من باب الارشاد مختص بموارد الجهل وعدم الوضوح والثبوت ومع دعوى إفادته للاطمئنان لا يبقى للفحص والتبين موضوع لخروج خبر الثقة عنه تخصصا...