ولذا نجد بعض الروايات تشير إلى هذا المعنى كقوله (عليه السلام) (أنتم الفقهاء إذا عرفتم معاني كلامنا) فالفقيه آنذاك لا يحتاج إلى إعمال عناية بأكثر من التدبر في كلامهم (عليهم السلام) ومعرفة الحكم والمراد منه.
بينما يختلف الحال تماما في عصرنا إذ أن أهم الكتب الروائية الناقلة لاحكام الشريعة المطهرة عبارة عن الكتب الأربعة للمحمدين الثلاثة.
وهذه الكتب قد وردت بأسانيد منها البعيد الواسطة ومنها القريب وما دامت غير قطعية الصدور أو صحيحة - كما هو المختار - توقف الاستنباط لا محالة على إبراز بحوث وقواعد لتشخيص ما يعمل به من غيره، ولولا ذلك لتوقفت سفينة الاحكام والعمل بها إلا من خلال دعاوى أخر لا تنفك محتاجة إلى هذه البحوث من قبيل الدعوى القائلة بانسداد باب العلم والعلمي بالنسبة للرجال. فإن أصحاب هذه الدعوى هم أيضا بحاجة إلى تشخيص المظنون من المشكوك والمحتمل الصحة ليعمل به من باب قاعدة الضرورات تتقدر بقدرها.
وهذا لا يتم إلا بملاحظة الأحوال المتعلقة بالرجال الواقعين في سند الأدلة.
ومن هنا تكون أهمية البحث الرجالي ذات قيمة عليا معتد بها ولذا جاز القدح في الراوي بإبراز الوضاع والكذاب وان استلزم هتك الستور أو إشاعة الفاحشة إلا أن ذلك لاجل صيانة الشريعة المطهرة من إدخال ما ليس منها فيها ونفيا للكذب والخطأ عنها (1).
ولنعم ما ذكره العلامة في الخلاصة من أن العلم بحال الرواة من أساس الأحكام الشرعية وعليه تبتني القواعد السمعية يجب على كل مجتهد معرفته