وإنما يشهد بعدالته من مجموع أمور حسية وملاحظات وقرائن يطمئن من خلالها باستقامة الرجل وسداده وهذا لا يتنافى مع انحرافه باطنا ولو في برهة زمنية قصيرة ولم يطلع المعدل عليه.
وهذا بخلاف الجارح فإنه يكفي في صدقه اطلاعه على حالة ما من أحواله ومن هنا يكون تقديم قوله عملا بكلتي الشهادتين معا..
الثاني - ان شهادة المعدل شهادة على أمر حدسي هو العدالة غير أنها منتزعة من مجموع أمور حسية أو ما قرب منها بينما على العكس من ذلك شهادة الجارح فإنها شهادة على أمر محسوس ومع تعارض الشهادتين كذلك لا بد من تقديم الشهادة الحسية على الحدسية وذلك لامرين:
1 - غلبه الخطأ في الحدسيات بالمقابلة مع الحسيات.
2 - كون عمل العقلاء وديدنهم على تقديم الشهادة الحسية على غيرها حين التعارض.
الثالث - ان الاهتمام بأمور الرجال وبيان المجروح منهم من المعدل الموثوق أمر قديم عرفه الأصحاب ومنذ عهد الأئمة الأطهار ولذا كثر السؤال عن الاشخاص الذين يركن إليهم في أخذ معالم الدين ليتميزوا عن غيرهم ممن ليسوا كذلك وبما أن عادة الأصحاب أخذ الحائطة في أمور الدين عموما وبما يتعلق منها بالجرح والقدح خصوصا لما فيه من مزيد النهي والوعيد بالخذلان واللعن كان الأقرب إلى الأصحاب حمل الرجال على ظاهر الفعال وحسن المقال والبناء على العدالة والصلاح أو التوقف مهما أمكن من مثل هذه الأمور.
ومن هنا كانت شهادة الواحد منهم بجرح، ونتيجة لما تشتمل على الجرأة والهتك ببيان ما خفي عن الناس أشبه بالنص الصريح على صحة وواقعية الشهادة بحيث دعته إلى الخروج عن ديدن وطريقة الأصحاب إلى