أما الأولى - فإنه وكما عرفت أن اللفظ مرحلتان مرحلة تصورية ومرحلة تصديقية فليس كل ظاهر بدوا هو مراد جزما وجدا للافظه بل إن هذا خاضع للون سياق الكلام وحال المتكلم ومعرفة أساليب تعبيره ومن خلال مجموع ذلك يتحدد المراد الجدي لكلامه.
وأما الثانية - فان الحكم على كلامين، انهما متناقضان مرتبط بوحدة المحطة التي ينظر إليها كلا الكلامين لا أن يكون أحد الكلامين مفسرا للآخر أو ناظرا لبرهة زمنية مغايرة إلى غير ذلك مما يذكر من شروط التناقض.
ومن هنا فإن تقديم الألفاظ الجارحة على الألفاظ المعدلة مرتبط بالنقطتين المتقدمتين فلا الجرح مقدم مطلقا ولا التعديل كذلك بل لا بد من النظر في كلتي العبارتين أولا والنظر في إمكان توجيه إحداهما بشكل يتناسب مع الأخرى..
فمثلا قد يرد في حق شخص انه ضعيف الحديث ويرد فيه أيضا انه ثقة فنحن أمام هذا التضارب لا بد لنا من إعمال الموازنة بين التعبيرين على ضوء ما عرفت وملاحظة المراد من اللفظة الأولى فان التتبع في موارد استعمالاتها مثلا يعين لنا ان المراد منها غير ما قد يتوهم من إرادة الكذب والافتراء بل المراد ان أحاديثه غير منسجمة مع الخطوط الكبرى والعامة للتشيع أو أن أخبار شاذة أو انه يعتمد المراسيل والمجاهيل وغير ذلك..
وهذه التفاسير كلها لا تتناقض ولا تتضارب مع وثاقة الراوي أبدا..
ولذا يبنى في مثل المورد على العمل بالتوثيق وتقديمه على الجرح.
وكذا فيما لو كان أحد الكلامين محمولا على برهة زمنية محددة كما هو الحال في علي بن أبي حمزة البطائني فإنه ورد فيه اللعن مع كونه من وكلاء الامام وخواصه وبالتدقيق والتأمل نجد ان نظر الكلام الجارح إلى ظرف مغاير لظرف المعدل وهو ظرف وقفه واستبداده بأموال الإمام الكاظم (عليه