فقد قال الذهبي من طبقاته [وفيها - سنة 436 - توفي شيخ الحنفية العلامة المحدث أبو عبد الله الحسين بن موسى الحسيني الرضي واضع كتاب نهج البلاغة] (1).
فإنك ترى أنه عد الشريف الرضي من الحنفية ومن مشايخهم وانه قد وضع نهج البلاغة إلى غير ذلك مما ليس ههنا موضع بحثه.
ولا ريب في أن دافعهم ما وجدوا فيه من اشتماله على ما لا تهوى أنفسهم كخطبة الشقشقية وغيرها مما يزعزع عرش مذاهبهم.. ولا نريد إطالة الكلام في هذا البحث بقدر ما نريد بيان بعض الأمور ويمكن تلخيص الوجوه التي تثبت صحة النهج بثلاثة:
الأول - ان الشريف الرضي قد ذكر ما ذكره منسوبا إلى الأمير (عليه السلام) والذي يظهر من المقدمة كون ذلك عنده من المسلمات.
الثاني - ان أسلوب النهج لا يتفق لاحد غير الأمير (عليه السلام) لما فيه من بلاغة تبهر العقول ويسلم بها كل ذي مسكة وعلم باللغة والأدب العربيين.
ولذا تجد أن جمعا من علماء النجف لما وجه إليهم السؤال عنه قالوا بأنه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق وكما صرح بذلك ابن أبي الحديد نفسه.
الثالث - ان النهج كان على مرأى من علمائنا وأصحابنا المتقدمين ولم نجد منهم من طعن في صحته أو غمز فيه مما يدل على تسالمهم بان ما فيه هو من كلام أمير المؤمنين سلام الله عليه.
إلا أن الانصاف عدم تمامية كل من هذه الوجوه وذلك:
أما الأول - فلانه لو سلم دلالته فغايته الصحة بنظر الشريف (قدس سره)