حدثنا أحمد بن طاهر القمي، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال:
حدثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله، قال: كنت امرءا لهجا بجمع الكتب... إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة، وأطولهم مخاصمة... فقال ذات يوم وأنا أناظره: تبا لك يا سعد ولأصحابك معاشر الرافضة! أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفا من الالزام... وكنت اتخذت طومارا وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسأل فيها خير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد عليه السلام، فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من رأى فلحقته في بعض المنازل فلما تصافحنا قال: بخير لحاقك؟
قلت: الشوق ثم العادة في الأسئلة... فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا عليه السلام، فاستأذنا فخرج إلينا الاذن بالدخول عليه... قال سعد فما شبهت مولانا أبا محمد عليه السلام، حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر على رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين وبين يدي مولانا رمانة ذهبية... وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض قبض الغلام على أصابعه فكان مولانا عليه السلام يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها كي لا يصده عن كتبة ما أراد، فسلمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ إلينا بالجلوس، فلما فرغ من كتبة البياض التي كانت بيده أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه، فنظر الهادي (أبو محمد) عليه السلام إلى الغلام وقال: يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك... فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبو محمد عليه السلام، فقال: ما جاء بك يا سعد؟ قلت:
شوقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا، قال: والمسائل التي أردت أن تسأله عنها قلت على حالها يا مولاي، قال: قل فسل قرة عيني عنها وأومأ إلى الغلام،