بظهوره، ونصرته، وانماث كالملح في الماء يهديه وقوانينه ونظمه. وطار شعاعا من صلاته، وذهب لماءا بما أودعه الله فيها من الحكم والاسرار فإذا هي تنهى عن الفحشاء والمنكر.
وكان " ص " إذا قام إلى الصلاة تخلى بنفسه المطمئنة. وتجرد بروحه الروحية عن كل شئ سوى الله وحده يتمحض اقبالا على الله، وعبودية خالصة لوحدانية عز سلطانه، فإذا أحرم لها بالتكبير تعوذ بالله قبل الشروع في القراءة عملا بقوله تعالى " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ".
ومن البديهي أنه إذا استعاذ بالله يعوذه، والشيطان لا يجهل هذه الحقيقة وإن جهلها المخرفون.
وقد روى أبو هريرة (1) ان الشيطان إذا سمع الاذان للصلاة من أي مسلم كان أدبر هاربا وولى فرقا، وله ضراط هلع وجزع، فكيف يجرأ على رسول الله " ص " فيتسور على مقامه الرفيع، وهو في ذلك الحرم المنبع، بين يدي الله، عائذا بعزته، لائذا بعصمته، منقطعا إليه عن كل شئ، هيهات هيهات " أنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون انما سلطانه على الذين يتولونه وهم به مشركون ".
فان قلت: ما تقولون في الآية 37 من حم السجدة وهي قوله عز من قائل " وأما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله أنه هو السميع العليم ".
قلنا: ان الله جلت آلاؤه أدب حبيبه محمدا بآداب اختصه بها ففضله على العالمين حتى لم يبق نبي مرسل، ولا ملك مقرب، ولا شيطان مريد، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد، الا بخع لآدابه، وخشع لأخلاقه، فما من أمر في الذكر