وكان " ص " يتمنى لمن دخل في الاسلام كافة ولكل واحد منهم أن يخلصوا لله تعالى ولكتابه ولرسوله ولسائر عباده اخلاصا تستوي فيه ظواهرهم وبواطنهم وعلانياتهم وسرائرهم لكن الشيطان كان يلقى في هذه الأمينة المبرورة من تسويله وتضليله ما يقتضى تشويش كثير من الناس ويوجب نفاقهم وكان " ص " يتمنى لكل فرد من أمته ان ينهج منهاجه القويم، وصراطه المستقيم، لا يحيد قيد شعرة فما دونها عن سنته المقدسة وكانت قصارى أمانيه أن تتفق الأمة على هديه وتكون بأجمعها نصب أمره ونهيه فلا يختلف منها اثنان لكن الشيطان ألقى في هذه الأمنية المشكورة من وسوسته في صدور كثير من الناس ما خدعهم عن السنن فتفرقت بهم السبل وكانوا طرائق قددا، وهكذا كان الغرور الرجيم يرصد ما يتمناه الرسول من خير عام أو خاص فيلقى فيه من التشويه في نظر المغترين بزخارفه ما يصرفهم عنه.
والمنخدعون بأباطيل الشيطان وأضاليله كثيرون، قد أعد لهم خيله ورجله، ونصب لهم حبائله وأشراكه، ووقف لهم على ساق يريهم الحق بغروره باطلا، والباطل بزخارفه حقا، لا يألوا جهدا في تشويه ما يتمناه الرسول لهم، ولا يدخر وسعا في صدهم عنه بكل حيلة.
وهذا ما أقض مضجع رسول الله صلى الله عليه وآله اشفاقا على الناس من هذا الوسواس الخناس، وفرقا من أضاليله وأباطيله أن تظهر على الحق المبين فكان صلى الله عليه وآله بسبب ذلك مستوجبا للتعزة من الله عز وجل فعزاه وخفض عليه بهذه الآية (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (1) إلا إذا تمنى) مثل ما تمنيت من الخير خاضا أو عاما (ألقى الشيطان في أمنيته) ما ألقاه في