سفيان على رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمين، فلما أرادوا قتله بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله كما في ترجمته من الاستيعاب والإصابة وغيرهما أسلم حقنا لدمه، فقال النبي صلى الله عليه وآله (1): ان منكم من أتألفه على الاسلام منهم الفرات بن حيان، فالرجل في سوء الحال معطوف على الرحال، فكيف مع ذلك يكون صنع الرحال قرينة على تخصيصه بالجرح والقدح دون الفرات الذي ما أسلم الا حقنا لدمه؟ ودون أبي هريرة الذي تبوأ مقعده.
(الكلمة الثانية): يشترك فيها أبو هريرة وسمرة بن جندب الفزاري وأبو محذورة الجمحي إذ أنذرهم صلى الله عليه وآله فقال لهم ذات يوم (2) آخركم موتا في النار.
وهذا أسلوب حكيم من أساليبه في اقصاء المنافقين عن التصرف في شؤون الاسلام والمسلمين، فإنه صلى الله عليه وآله لما كان عالما بسوء بواطن هؤلاء الثلاثة أراد ان يشرب في قلوب أمته الريب فيهم والنفرة منهم اشفاقا عليها ان تركن إلى واحد منهم في شئ مما يناط بعدول المؤمنين وثقاتهم، فنص بالنار على واحد منهم وهو آخرهم موتا، لكنه أجمل القول فيه على وجه جعله دائرا بين الثلاثة على السواء ثم لم يتبع هذا الاجمال بشئ من البيان وتمضي الأيام والليالي على ذلك ويلحق صلى الله عليه وآله بالرفيق الاعلى ولا بيان، فيضطر أولي الألباب من أمته إلى اقصائهم جميعا عن كل امر يناط بالعدول والثقات من الحقوق المدينة