ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض - الحديث - (1).
(قلت): أما المرأة ذات الهرة فان كانت مؤمنة كانت كما قالت عائشة.
أكرم على الله من يعذبها في النار بهرة، وان كانت كافرة فإنما تعذب بكفرها.
وأما ذلك المسرف فإنه - على ما يقتضيه الحديث - لم يكن أهلا للمغفرة إذ لم يكتف بتمرده على الله تعالى طيلة حياته وتجاوزه الحد في موبقاته حتى مات مصرا على تمرده يائسا من روح الله فارا من سلطانه إلى حيث لا تناله - على زعمه - قدرة الله عز سلطانه التي أحاطت بكل سئ ولذلك أوصى تلك الوصية البربرية فهو كافر بيأسه من رحمة الله وانكاره لقدرة الله عز وجل والكافر لا يستحق المغفرة، ولا هو لها باهل اجماعا وقولا واحدا.
عن أن أسلوب هذا الحديث انما هو أسلوب حكاية خيالية ترمى إلى عدم اليأس من رحمة الله ولو مع الاسراف وإلى عدم الامن من عذاب الله ولو مع الايمان، وهاتان الحقيقتان في غي عن روايات أبي هريرة وخيالاته لثبوتهما بنص الذكر الحكيم والفرقان العظيم (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) فالسنن المقدسة تبرأ أبوار أساليبها من هذا الحديث وأسلوبه كما لا يخفى.
وأيضا لو فرض وقوع تلك الوصية من ذلك المسرف وفرض انها بمجردها كانت سببا لمغفرة ذنوبه فرسول الله صلى الله عليه وآله لا يمكن أن يحدث بها حتى يعلق عليها كملة تحضرها إذ لو حدث بها من غير تعليق - كما نقله أبو هريرة - لأغرى بها المسرفين من أمته وهذا محال كما لا يخفى.