الآباء الرحيمة اشفاقهم على أبنائهم البررة يؤويها إلى الوارف من ظلال رحمته ويفديها بنفسه (1) مسترسلا إليها بأنسه، وكان يحرص بكل ما لديه على تأديبها وتهذيبها وتعليمها وتكريمها حتى بلغ في ذلك كل غاية يزفها المعرفة بالله والعلم بشرائعه زقا لا يألوا في ذلك جهدا ولا يدخر وسعا حتى عرج بهما إلى أوج كل فضل، ومستوى كل مكرمة فهل يمكن أن يكتم عليها أمرا يرجع إلى تكليفها الشرعي؟ حاشا لله وكيف يمكن أن يعرضها (بسبب الكتان) لكل ما أصابها من بعده في سبيل الميراث بل يعرض الأمة للفتنة التي ترتبت على منع أرثها؟.
وما بال بعلها خليل النبوة، والمخصوص بالاخوة، يجهل حديث: نحن لا نورث (مع ما آتاه الله من العلم، والحكم، والسبق، والصهر، والقرابة والكرامة، والمنزلة، والخصيصة، والولاية، والوصاية، والنجوى) وما بال رسول الله (ص) يكتم ذلك عنه، وهو حافظ سره، وكاشف ضره، وباب مدينة علمه، وباب دار حكمته، واقضى أمته، وباب حطتها، وسفينة نجاتها وأمانها من الاختلاف؟. وما بال أبي الفضل العباس وهو صنو أبيه، وبقية السلف من أهليه، لم يسمع بذلك الحديث؟ وما بال الهاشميين كافة وهم عيبته وبيضته التي تفقأت عنه لم يبلغهم الحديث حتى فوجئوا به بعد النبي صلى الله عليه وآله؟.
وما بال أمهات المؤمنين يجهلنه فيرسلن عثمان يسأل لهن ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ (2) وكيف يجوز على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبين هذا الحكم لغير الوارث