أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٤٤
ويدع بيانه للوارث؟ ما هكذا كانت سيرته صلى الله عليه وآله إذ يصدع بالأحكام فيبلغها عن الله عز وجل ولا هذا هو المعروف عنه في انذار عشيرته الأقربين، ولا مشبه لما كان يعاملهم به من جميل الرعاية وجليل العناية.
بقى للطاهرة البتول كلمة استفزت بها حمية القوم، واستثارت حفائظهم بلغت بها أبعد الغايات، ألا وهي قولها: أم تقولون أهل ملتين لا تتوارثان تريد بهذا ان عمومات المواريث لا تتخصص بمثل ما زعمتم وإنما تتخصص بمثل قوله صلى الله عليه وآله لا توارث بين أهل ملتين واذن فهل تقولون (إذ تمنعوني الإرث من أبي): اني لست على ملته فتكونون (لو أثبتم خروجي من الملة) على حجة شرعية فيما تفعلون؟ فانا لله وإنا إليه راجعون.
وبالجملة: أخفقت الزهراء يومئذ في طلبها بسبب هذا الحديث وقد انفرد الخليفة به فلم يروه على عهده أحد سواه، وربما قيل بأنه قد رواه معه مالك بن أوس بن الحدثان (1).
نعم ذكروا أنه ترفع علي والعباس إلى عمر أيام خلافته وكان عنده حينئذ عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد فقال لهم (2) هل تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا نورث ما تركنا صدقة، فاضطر الرهط إلى التصديق، ولم يسعهم في تلك الظروف سوى الاذعان للخليفتين.
اما أبو هريرة لم يكن تلك الأيام في عيرها ولا نفيرها، ولا كان ممن يصغى إليهم أو يؤبه بهم وكان متهما في لهجته ولا يجرأ مع وجود أولئك الاعلام على الحديث، ولا يرى في نفسه أهلية الانضواء إلى من ينتصر الخليفة بروايته

(١) فيما نص عليه جماعة من الاثبات فراجع صفحة ٩١ من المجلد الرابع من شرح النهج.
(٢) فيما أخرجه البخاري ص ١٢٤ من الجزء الثاني من صحيحه في باب فرض الخمس.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»