أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٠٩
منكم برأس راحلته فان هذا منزل حضره الشيطان، قال أبو هريرة: ففعلنا ثم دعا بالماء فتوضأ ثم سجد سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى صلاة الغداة.
وهذا الحديث يبرأ منه هدى رسول الله صلى الله عليه وآله فان الله عز وجل يقول:
(يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا) إلى أن قال وهو أصدق القائلين (ان ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه) ويقول مخاطبا له في مقام آخر: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا (1) ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) أي ومن الليل فصل بالقرآن زيادة لك على الفرائض الخمس التي أوجبتها الآية الأولى، وبينت أوقاتها وذلك أن الفرائض الخمس واجبة على جميع المكلفين، اما صلاة الليل فإنما كانت فريضة عليه صلى الله عليه وآله خاصة لم تكتب على غيره، وقال مخاطبا له في مقام ثالث (وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين) أي يراك إذ تقوم لعبادته في الليل حين لا يطلع عليك أحد، ويرى تصرفك في المصلين بالقيام والقعود والركوع والسجود والذكر والقراءة والدعاء والابتهال إذا صليت في جماعة، وقال مخاطبا له في مقام رابع (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وادبار السجود).
وكان صلى الله عليه وآله يصلي الليل كله ويعلق صدره بحبل حتى لا يغلبه النوم (2)

(١) إن الله سبحانه جعل في هه الآية من دلوك الشمس الذي هو الزوال إلى غسق الليل وقتا للصلوات الأربع الظهر والعصر والمغرب والعشاء فالظهر والعصر اشتركا في الوقت من الزوال إلى المغرب، إلا ان الظهر قبل العصر، والمغرب والعشاء اشتركا في الوقت من المغرب إلى الغسق، الا ان المغرب قبل العشاء، وأفرد الله صلاة الفجر بالذكر في قوله: وقرآن الفجر، ففي الآية بيان وجوب الصلوات الخمس وبيان أوقاتها على ما هو المعروف من مذهبنا الامامي.
(2) كذا في تفسير آية طه من مجمع البيان نقلا عن قتادة
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»