أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١١٠
فيظل عائما وقاعدا وراكعا وساجدا حتى اسمغدت - أي تورمت قدماه (1) - فقال له جبرائيل عن الله عز وجل، ابق على نفسك فان لها عليك حقا وأوحي إليه: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى، والشقاء هو الاستمرار فيما يشق على النفس نقيض السعادة. والمعنى ما أنزلنا عليك القرآن لتستمر فيما يشق عليك فتهلك نفسك بالعبادة وتحملها المشقة والفادحة، وانما أنزلنا عليك القرآن تذكرة لمن يخشى، فرفقا بنفسك.
وقد عقد البخاري في صحيحه بابا لتهجده في الليل وبابا لطول سجوده في صلاة الليل. وبابا لطول قيامه فيها، وبابا لقيامه حتى تورمت ساقاه وتفطرت قدماه.
هذا دأبه في قيام الليل، فما ظنك به في إقامة الفرائض الخمس وهي أحد الأركان التي بني الاسلام عليها أيجوز عليه أن ينام عنها؟! معاذ الله وحاشا لله وهو الذي أهاب بأهل الأرض يتلو عليهم عن ربهم جل وعلا (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) ونادى في الناس (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) إلى أن قال في وصفهم (والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) وصاح في بني آدم (فأقيموا الصلاة أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) وأذن فاسمع العالم (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى).
والقرآن الحكيم مشحون بمثل هذه الآيات البينات التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحوط الناس بحكمتها وموعظتها الحسنة، وكم وخز الساهين عن عبادة ربهم بقوله: (ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون) وفضح المنافقين بما أوحى الله إليه من صفاتهم بقوله تعالى (ولا يأتون الصلاة

(1) تجد الرواية في تورم قدميه في تفسير آية طه من الكشاف وعقد البخاري بابا لقيام النبي حتى تفطر قدماه وتورم ساقاه في ص 135 من الجزء الأول من صحيحه
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»