الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * (1) وقوله تعالى: ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب (2) وقوله عز اسمه وليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين (3).
ولا غرو فان الله عز وجل ان يمتحن عباده من صنوف المحن وأنواع الفتن له الحجة في الثواب والعقاب كما هو مبرهن عليه في محله من كتب الأصحاب فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين (4) ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة (5).
ولنرجع إلى أصل الآية: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته، فإنه لا يراد بها ان الشيطان يلقى في نفس الرسول أو النبي شيئا (والعياذ بالله) ليشكل الامر فنحتاج إلى تخريج الآية على خلاف ظاهرها وإنما المراد ما نصت الآية عليه من أن الشيطان يلقى في الأمنية نفسها اي يلقى فيما يتمناه الرسول أو النبي - من الخير والسعادة شيئا من التشويه في نظر رعاع الشيطان والناعقين معه ليصدهم بسبب ذلك عما تمناه الرسول لهم ويحول بين الأمنية وتحققها في الخارج فتكون الآية الحكيمة على حد قول القائل:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه.
هذا هو المراد من الآية قطعا وهو المتبادر منها إلى الأذهان وان لم يذكره - فيما اعلمه - أحد من المفسرين أو غيرهم، والعجب من غفلتهم عنه على وضوحه وكونه هو اللائق بالذكر الحكيم والنبي العظيم، وسائر الرسل والأنبياء