اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٨٦٢
وما كان ذلك مني الا رجاء الاصلاح، لقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
اقتربوا اقتربوا وسلوا وسلوا فان العلم يفيض فيضا، وجعل يمسح بطنه ويقول:
ما ملئ طعام ولكن ملئه علم، والله ما آية نزلت في بر ولا بحر ولا سهل ولا جبل الا أنا أعلمها وأعلم فيمن نزلت.
وقول أبي عبد الله عليه السلام: إلى الله أشكو أهل المدينة انما أنا فيهم كالشعر أتنقل يريدونني على أن لا أقول الحق.
والله لا أزال أقول الحق حتى أموت، فلما قلت حقا أريد به حقن دمائكم، وجمع أمركم على ما كنتم عليه، أن يكون سركم مكنونا عندكم غير فاش في غيركم.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سرا أسره الله إلى جبريل، وأسره جبريل إلى محمد، وأسره محمد إلى علي صلوات الله عليهم، وأسره علي إلى من شاء.
ثم قال، قال أبو جعفر عليه السلام: ثم أنتم تحدثون به في الطريق، فأردت حيث مضى صاحبكم أن ألف أمركم عليكم، لئلا تضيعوه في غير موضعه، ولا تسألوا عنه غير أهله فتكونوا في مسألتكم إياهم هلكتم، فكم دعي إلى نفسه ولم يكن داخله.
ثم قلتم: لابد إذا كان ذلك منه: يثبت على ذلك ولا يتحول عنه إلى غيره، قلت: لأنه كان من التقية والكف أولا، وأما إذا تكلم فقد لزمه الجواب فيما يسأل عنه، فصار الذي كنتم تزعمون أنكم تذمون به، فان الامر مردود إلى غيركم، وأن الفرض عليكم أتباعهم فيه إليكم.
فصيرتم ما استقام في عقولكم وآرائكم، وصح به القياس عندكم بذلك لازما، لما زعمتم من أن لا يصح أمرنا، زعمتم حتى يكون ذلك علي لكم، فان قلتم ان لم يكن كذلك لصاحبكم فصار الامر ان وقع إليكم: نبذتم أمر ربكم وراء ظهوركم، فلا أتبع أهوائكم، قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين.
وما كان بد من أن تكونوا كما كان من قبلكم، قد أخبرتم أنها السنن والامثال
(٨٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 857 858 859 860 861 862 863 864 865 866 867 ... » »»
الفهرست