قال: فقدموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه، فحملت أطراف يديه ورجليه فقلت: يا أبت هل تجد ألما لما أصابك؟ فقال: لا يا بنية الا كالزحام بين الناس، فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله، فقال: أيتوني بصحيفة ودوات أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة، فأرسل إليه الحجام حتى يقطع لسانه، فمات رحمة الله عليه في ليلته.
قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسميه رشيد البلايا، وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا، وكان حياته إذا لقى الرجل قال له: فلان أنت تموت بميتة كذا، وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا، فيكون كما يقول رشيد.
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: أنت رشيد البلايا، أي تقتل بهذه القتلة، فكان كما قال أمير المؤمنين عليه السلام.
132 - جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال:
حدثني أحمد بن النضر، عن عبد الله بن يزيد الأسدي، عن فضيل بن الزبير، قال:
خرج أمير المؤمنين عليه السلام يوما إلى بستان البرني، ومعه أصحابه، فجلس تحت نخلة ثم أمر بنخلة، فلقطت فأنزل منها رطب فوضع بين أيديهم، قالوا فقال رشيد الهجري:
يا أمير المؤمنين ما أطيب هذا الرطب؟ فقال: يا رشيد أما أنك تصلب على جذعها، فقال:
رشيد: فكنت أختلف إليها طرفي النهار أسقيها.
ومضى أمير المؤمنين عليه السلام قال: فجئتها يوما وقد قطع سعفها: قلت اقترب أجلي ثم جئت يوما فجاء العريف فقال أجب الأمير: فأتيته فلما دخلت القصر فإذا الخشب ملقى، ثم جئت يوما آخر فإذا النصف الآخر قد جعل زرنوقا يستقى عليه الماء، فقلت ما كذبني خليلي فأتاني العريف فقال: أجب الأمير فأتيته.
فلما دخلت القصر إذا الخشب ملقى فإذا فيه الزرنوق، فجئت حتى ضربت الزرنوق برجلي ثم قلت: لك غذيت ولي انبت ثم أدخلت على عبيد الله بن زياد، فقال: هات من كذب صاحبك: فقلت: والله ما أنا بكذاب ولا هو، ولقد أخبرني