الأصول المهذبة (المعروف بخلاصة الأصول) - المجتهد التبريزي - الصفحة ٥٩
أعلى الله مقامه.
وإن شئت قلت إن العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان قبيح لا يصدر عن عاقل فكيف عن حكيم متعال وهذا مما يفهمه الصغير و الكبير بفطرته وجبلته التي فطر الله الناس عليها كما قلنا في أول الكتاب فإن قلت لولدك جئني بحجر ولم تقيده بالأبيض والأسود و غيرها من القيودات ولم يكن في المقام قرينة حالية أو مقالية على واحدة من القيود فأتاك بما يقال إنه حجر لم يصح عنك مؤاخذته بأني كنت طالبا للأبيض المدور أو الأحمر الأملس فلو أخذته بذلك لقال لك ولدك الصغير يا مولاي إني ما كنت أعلم ضميرك إلا ببيانك و بيانك لم يدل على أزيد مما أتيتك فحجية إطلاق اللفظ والتمسك به مما جبل الله عليه بمقتضى نعمة البيان الذي شرف الله بها الانسان و لا يحتاج إلى المقدمات التي بينوها وجعلوا حجية الاطلاق منحصرة فيما إذا لم يكن قدر متيقن وفيما إذا كان المولى بصدد البيان نعم هنا نكتة ينبغي التنبيه عليها وقد أشرنا إليها فيما سبق أن الحكم قد يتعلق بنفس الطبيعة من دون نظر إلى أفرادها الخارجية وإن كان تعليقه بها من حيث الوجود كأكثر الاحكام التي موضوعها الانسان والرجل والمرأة والذكر والأنثى والشاة والإبل والبقر فحيث ما وجدت هذه الطبيعة تعلق بها حكمها فيعم من هذه الجهة وبلحاظ العموم يصح الاستثناء كقوله تعالى إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا إلخ فالعموم فيه ليس من جهة الألف واللام بل من الجهة التي ذكرناها وقد يكون موضوع الحكم في الحقيقة الافراد
(٥٩)
مفاتيح البحث: الخسران (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»