حدوث التكليف وفعليته أو قبله وعلى الأول فإما أن يكون قبل حصول العلم أو بعده أو معه فهنا صور (الصورة الأولى) ما إذا كان الاضطرار إلى البعض العين قبل حدوث التكليف وفعليته كما إذا حصل الاضطرار إلى شرب أحد المائعين قبل وقوع النجاسة في أحدهما لا بعينه ولا ريب في عدم وجوب الاجتناب عن شئ منهما لعدم كون العلم علما بالتكليف مع احتمال انطباق المعلوم على الطرف المضطر إليه فيبقى احتمال حدوث التكليف في الطرف الآخر فيرجع فيه إلى الأصل (الصورة الثانية) ما إذا كان الاضطرار إلى المعين بعد حدوث التكليف وقبل العلم به كما إذا علم بعد الاضطرار بوقوع النجاسة في أحدهما قبل حصول الاضطرار فقد يقال فيه بوجوب الاجتناب عن الآخر كما كان هو المختار لشيخنا الأستاذ دام ظله في بعض دوراته السابقة بتقريب ان العلم بالتكليف كما مر انما يكون مؤثرا في التنجيز من جهة طريقيته وكاشفيته لا بما انه صفة خاصة وحيث إن المفروض في المقام تعلق العلم بثبوت التكليف قبل حصول الاضطرار فلو كان في الطرف المضطر إليه فلا محالة يسقط بحدوث الاضطرار لكونه رافعا له ولو كان في الطرف الآخر فهو باق على حاله من دون عروض مسقط فالشك في انطباقه على الطرفين يرجع إلى الشك في سقوط التكليف المعلوم بعد ثبوته ومن المعلوم ان المرجع فيه هو الاشتغال دون البراءة فلابد من الاجتناب عن الطرف الآخر حتى يقطع بالامتثال وقد أشكل عليه دام ظله في هذه الدورة بوجوه " الأول " ان جعل المقام من قبيل الشك في المسقط انما نشأ من خلط الشك في تحقق الاضطرار المسقط للتكليف الثابت بالشك في ثبوت التكليف وسقوطه بالاضطرار (بيانه) ان احتمال انطباق المعلوم بالاجمال في المقام على الطرف الغير المضطر إليه وإن كان موجبا لاحتمال بقاء التكليف وعدم سقوطه وجدانا الا ان تحقق التكليف فيه مشكوك من أول الأمر فكما يحتمل تحققه فيه فكذلك يحتمل تحققه في الطرف الآخر المضطر إليه فليس هناك علم بتكليف فعلي شخصي يحتمل سقوطه وبقاؤه حتى يتمسك بقاعدة الاشتغال بل التكليف مردد بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع فأين هناك تكليف فعلي يشك في سقوطه (وتوهم) ان التكليف المعلوم بالاجمال الجامع بين الطرفين تكليف معلوم شك في سقوطه فيتمسك فيه بقاعدة الاشتغال كما يتمسك بالاستصحاب الكلي فيما هو نظير المقام (مدفوع) بأن التكليف المعلوم بالاجمال إنما هو التكليف الفعلي على كل تقدير وهو مقطوع الارتفاع بعد حدوث الاضطرار إلى أحدهما المعين وما يحتمل بقاؤه هو التكليف المردد تعلقه
(٢٦٥)