أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٨٢
المتفرعة على جعل الأحكام الواقعية تأبى عن تحقق التضاد بينهما ولسنا ندعي ان المجعول في تلك الموارد انما هو نفس صفة المنجزية والمعذرية حتى يقال إن التنجز والمعذرية المساوقين لصحة العقاب وعدمها من الأمور الغير القابلة لتعلق الجعل الشرعي به بل نقول إن المجعول الشرعي إنما هو إصالة الإباحة أو إيجاب الاحتياط الواقعين في مرتبة التنجز والمعذرية من حيث تفرعهما على أصل جعل الأحكام الواقعية وقد ذكرنا سابقا ان حكم العقل بصحة العقاب المترتب عليه المنع العملي المرادف لايجاب الاحتياط أو بقبح العقاب المترتب عليه الترخيص العملي مع حكم الشارع بإيجاب الاحتياط أو الترخيص متعاكسان فإن الحكم بالإباحة أو الاحتياط إنما هو من شؤون الشارع ليس إلا وصحة العقاب أو قبحه يترتبان عليهما وهذا بخلاف حكم العقل فإنه ليس إلا بمعنى الادراك المتعلق بحسن العقاب أو قبحه والمنع أو الترخيص العمليان يترتبان عليه فتحصل مما ذكرناه ان حكم الشارع بالإباحة الظاهرية إنما تنافي حكمه بالحرمة كذلك المساوقة لايجاب الاحتياط وأما الإباحة الظاهرية مع الحرمة الواقعية أو إيجاب الاحتياط مع الحلية الواقعية فلا منافاة بينهما أصلا (فإن قلت) ان ما ذكرت من عدم تضاد الأحكام الواقعية مع الظاهرية في الأصول الغير التنزيلية لتعدد مرتبتهما إنما ينفع في خصوص الأحكام التكليفية واما في مثل الأحكام الوضعية كالطهارة والنجاسة فلا محالة يتحقق المنافات بينهما مثلا إذا حكم الشارع بالطهارة ظاهرا مع كون الشئ محكوما بالنجاسة واقعا أو بالعكس كما إذا قلنا بأصالة النجاسة في الدماء وفرضنا طهارة المشكوك واقعا فلا محالة يكون الحكمان متنافيين (قلت) ان ذلك انما يرد على مذهب من يرى كون النجاسة والطهارة من الأمور الواقعية التي كشف الشارع عنها كما يظهر ذلك من بعض عبارات العلامة الأنصاري قدس سره وأما بناء على ما اخترناه من كونهما من الأحكام المجعولة وان مجرد كون النظافة والقذارة العرفية من الأمور الواقعية لا يقتضي كون الطهارة والنجاسة أيضا من هذا القبيل بل هما قابلان لتعلق الجعل الشرعي بهما كالاحكام التكليفية فحالها حال الأحكام التكليفية بعينها مثلا النجاسة الواقعية وإن كانت فعلية بوجود موضوعها الا انها ما لم تحرز في الخارج لا تكون متنجزة باعتبار آثارها التكليفية فللشارع أن يجعل المنجز أو المعذر في هذه المرتبة فلا مضادة بين الحكمين لتعدد مرتبتهما ومنه يظهر حال الحكم بالنجاسة مع الطهارة الواقعية هذا تمام الكلام في الجمع بين الاحكام الظاهرية والواقعية ولا بأس بتنقيح أمرين يتضح بهما ارتفاع اشكال التضاد والتناقض من أصله (الأول) انه
(٨٢)
مفاتيح البحث: النجاسة (3)، الطهارة (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»