وقع الكلام في أن استحقاق العقاب عند مخالفة إيجاب الاحتياط أو إصالة الحرمة هل هو مترتب على مخالفة هذا الخطاب الطريقي أو على مخالفة نفس التكليف الواقعي (الثاني) انه مع فرض كون استحقاق العقاب على مخالفة نفس الخطاب الطريقي فهل هو يترتب على مخالفته مطلقا أو عند مصادفة الواقع فقط أما الأمر الأول فالحق فيه ان استحقاق العقاب إنما يترتب على مخالفة الحكم الطريقي دون الحكم الواقعي وذلك لان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان غير قابل للتخصيص بمورد دون آخر فمع الجهل بالحكم الواقعي وعدم وصوله إلى المكلف لا وجدانا ولا بحكم الشارع كما في موارد الامارات والأصول التنزيلية فلا محالة يحكم العقل بقبح العقاب على مخالفته ومن الواضح ان الحكم الواقعي في موارد إيجاب الاحتياط أو إصالة الحرمة لا يكون واصلا ومحرزا عند المكلف بل هو بعد على مجهوليته فكيف يصح العقاب على مخالفته نعم نفس إيجاب الاحتياط أو أصالة الحرمة يكون محرزا عنده فيصح العقاب على مخالفته (فإن قلت) إذا كان ايجاب الاحتياط مثلا ناشئا عن ملاك الحكم الواقعي ومتمما لجعله فلا محالة يكون وصوله وصولا للحكم الواقعي ولا يفرق في نظر العقل بين وصول الشئ بنفسه أو بطريقه (قلت) ايجاب الاحتياط وإن كان ناشئا عن الملاك الواقعي ومتمما للجعل الأول إلا أن صحة العقاب كما عرفت مرارا تدور مدار مخالفة التكليف الواصل ومع الشك في وجود التكليف الواقعي ولو علم بوجوب الاحتياط كيف يعقل وصول الحكم الواقعي بل الواصل انما هو نفس الطريق ليس إلا وهذا معنى قولنا الحكم الواقعي واصل بطريقه واتصاف الواقع بالوصول من باب وصف الشئ بحال متعلقه وإلا فالحكم الواقعي الموجود في مورد ايجاب الاحتياط غير متصف بالوصول أصلا وبالجملة ايجاب الاحتياط ليس كالامارات أو الأصول المحرزة حتى يكون الحكم الواقعي الموجود في مورده واصلا بنفسه من جهة اعطاء الشارع صفة المحرزية للامارة أو الأصل بل هو باق على مجهوليته من دون فرق بين حال قبل إيجاب الاحتياط وبين حال بعده وانما الواصل هو نفس هذا الحكم الطريقي ليس إلا فلا بد وأن يكون العقاب على مخالفته (وأما الأمر الثاني) فهو انه وقع النزاع بعد البناء على ترتب استحقاق العقاب على مخالفة الطريق الواصل دون الواقع في ترتبه عليها مطلقا أو في خصوص ما إذا كان الطريق مصادفا للواقع واما في صورة عدم المصادفة فاستحقاق العقاب على المخالفة يتوقف على استحقاق المتجري للعقاب فإن قلنا به فيوجب مخالفة الطريق استحقاق العقاب
(٨٣)