بنفسها كاشفة عن الواقع كشفا غير تام وقابلة لان تنالها يد الجعل بتتميم جهة كشفها وجعلها محرزة للواقع وواسطة لاثبات متعلقاتها كما كان هذا المعنى في العلم الوجداني تكوينا والالتزام بانحصار المجعول في خصوص الأحكام التكليفية لا ملزم له أصلا وسيجئ لذلك زيادة توضيح في محله إن شاء الله تعالى هذا تمام الكلام في الامارات والطرق ومنه يظهر الحال في الأصول التنزيلية أيضا فانا قد ذكرنا في بعض مباحث القطع ان المرتبة الرابعة من القطع الطريقي التي هي مرتبة الاحراز لها جهتان (إحديهما) انكشاف الواقع (وثانيهما) الجري العملي على طبق المنكشف والمجعول في باب الامارات هي الجهة الأولى من تلك المرتبة والمجعول في باب الأصول الجهة الثانية منها فالأصول المحرزة تشترك مع الامارات في أن المجعول في مواردها ليست هي الأحكام التكليفية البعثية والزجرية حتى يتوهم لزوم اجتماع الضدين أو النقيضين وانما المجعول هي الوسطية في الاثبات من حيث انكشاف الواقع في الامارات ومن حيث الجري العملي في الأصول التنزيلية المترتب عليه تنجز الواقع عند الإصابة والمعذرية عنه عند الخطأ فالأصول التنزيلية وسط بين الامارات والأصول الغير التنزيلية فمن حيث اشتراكها مع الامارات في أن المجعول فيها هي الوسطية في الاثبات على ما عرفت تقوم مقام العلم الطريقي والمأخوذ في الموضوع على الوجه الطريقية ومن حيث اشتراكها مع الأصول الغير التنزيلية في أخذ الشك في موضوعها لا يكون مثبتاتها حجة على ما سيجئ توضيحه في محله إن شاء الله تعالى (والحاصل) انه لا فرق بين الأصول التنزيلية والامارات إلا في أن الشك أخذ موضوعا للأولى دون الثانية وإلا فمن حيث كون المجعول فيها هي المرتبة الرابعة من العلم الطريقي وهي مرتبة الاحراز فهما على حد سواء نعم بين الامارات والأصول فرق آخر من حيث عدم تعقل كون الحجية في الامارات منتزعة من الحكم التكليفي في مواردها كما عرفت وامكان تعقل ذلك في الأصول بأن يقال بانتزاعية الحجية عن حكم الشارع بجعل مورد الأصل هو الواقع من حيث الجري العملي لكن الصحيح كما عرفت ان المجعول فيها أيضا هي الوسطية في الاثبات وكون الأصل محرزا للواقع من حيث الجري العملي بل يمكن أن يقال باستحالة كون الحجية فيها منتزعة من الحكم التكليفي أيضا فانا إذا فرضنا مخالفة مؤدى الأصل للواقع فحكم الشارع بجعل مؤداه هو الواقع ليس له معنى معقول إلا اعطاء الحكم الواقعي للمؤدى وهذا يرجع إلى التصويب المعتزلي المجمع على بطلانه فإذا كان مؤدى الأصل وجوب صلاة الجمعة
(٧٨)