أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٧٩
وكان الواجب الواقعي صلاة الظهر فهل هناك معنى معقول لحكم الشارع بجعل صلاة الجمعة هو الواجب الواقعي إلا اعطاء الوجوب الواقعي له المستلزم للتصويب الباطل فما هو الموجب لاستحالة كون الحجية في الامارات منتزعة عن الحكم التكليفي يكون موجبا لاستحالته في الأصول التنزيلية أيضا فتحصل مما ذكرناه ان حال الأصول التنزيلية حال العلم الوجداني بعينه في أنه مع المصادفة يكون مؤداه نفس الواقع ومع الخطأ لا يكون حكم شرعي أصلا إلا تخيلا واعتقادا (وأما الأصول) الغير التنزيلية فحيث انها ليست ناظرة إلى الواقع أصلا فلا يمكن أن يكون المجعول فيها الوسطية في الاثبات ونفس صفة الطريقية بل لا بد من الالتزام بكونه فيها هي الأحكام التكليفية تحريمية كانت كما في موارد النفوس والاعراض بل الأموال في الجملة أو لا كما في موارد أصالة الإباحة في الشبهات البدوية وعليه فلتوهم لزوم اجتماع الضدين عند مخالفة الأصل للواقع مجال واسع فلا بد في دفعه من بيان ان الأحكام التكليفية في مواردها متأخرة رتبة عن التكاليف الواقعية وليس بينهما منافاة أصلا فنقول ان التضاد بين الحكمين إنما يعقل إذا كانا متحدين في الرتبة حتى يلزم من فرض وجود أحدهما عدم الآخر ومن فرضهما معا اجتماع النقيضين وأما إذا فرض ان جعل أحد الحكمين متفرع على جعل الآخر وعند فرض وجوده فيستحيل التضاد بينهما ضرورة عدم استلزام وجود أحدهما حينئذ عدم الآخر وانتفائه وهذا هو مراد سيد أساتيذنا العلامة الشيرازي قدس سره من عدم كون الحكم الظاهري منافيا للحكم الواقعي لترتبه عليه لا ما يتوهم من أن موضوع الحكم الظاهري وهو الشك متأخر عن الحكم الواقعي فيكون الحكم الظاهري متأخرا من الواقعي بمرتبتين وبهذا يرتفع المنافاة بين الحكمين كما يرتفع التنافي بين الطلبين المتعلقين بالمتضادين بأخذ عصيان أحدهما في موضوع الاخر الموجب لتأخرهما في الرتبة فإن فساد هذا التوهم من الوضوح بمكان إذ تجويز الترتب لم يكن مبتنيا على ذلك بل على أن طلب الأهم يستحيل أن يكون متعرضا لحال عصيانه لا بالاطلاق اللحاظي ولا بالاطلاق الذاتي وإنما كان انحفاظه فيها باعتبار هدم ذلك الخطاب لتقدير العصيان من دون تعرضه لشئ على هذا التقدير وطلب المهم ليس فيه اقتضاء عصيان الأهم حتى يتنافيا وإنما هو يقتضي شيئا آخر على هذا التقدير فما يقتضيه كل من الخطابين يكون الآخر أجنبيا عنه بالكلية وأين ذلك من مثل المقام فإن المفروض فيه هو اطلاق الحكم الواقعي لحال الشك فيه نتيجة الاطلاق والمفروض وجود الحكم الظاهري في حال الشك فيلزم اجتماع الحكمين
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»