ذلك قد بنينا على أن الحكم الطريقي انما هو في طول الواقعي وليس في مرتبته حتى يلزم اجتماع الضدين في صورة عدم المصادفة (وأما) ملاك جعل المتمم في القسمين الأولين فهو عين الملاك الباعث للجعل الأولي كما هو ظاهر (إذا عرفت) ذلك فنقول إذا كان الغرض من ايجاب الاحتياط أو أصالة الحرمة هو حفظ الأحكام الواقعية الموجودة في مواردهما وايصالها إلى المكلف بطريقها من باب تتميم الجعل فلا محالة لا يكون مثل هذين الحكمين حكما حقيقة الا في صورة الإصابة مع الواقع واما في فرض المخالفة فليس هناك الا صورة يتخيل كونها حكما (فان قلت) قد مر فيما سبق ان أخصية ملاك الجعل لا توجب اختصاص الحكم المجعول على موارد وجود الملاك فيها بل يعم الحكم لصورتي وجود الملاك وعدمه لما مر مرارا من أن المعصية والطاعة انما تدوران مدار التكليف لا الملاك فوجود الملاك وعدمه أجنبيان عن تحقق المعصية أو الطاعة وهذا كما في باب العدة فان ملاك تشريعها وإن كان حفظا الأنساب وعدم اختلاط المياه الا انه لعدم تميز الافراد التي يتحقق فيها هذا الملاك عن الافراد الاخر الفاقدة له خارجا جعل حكم العدة على نحو العموم لاهتمام الشارع بهذا الملاك حتى لا يفوت في شئ من الموارد وعلى ذلك يترتب ان الغرض من ايجاب الاحتياط وإن كان هو حفظ الواقعيات الموجودة في موارده وهو أخص من المجعول ضرورة انه لا يتحقق الا في صورة المصادفة الا ان ذلك لا يوجب اختصاص الحكم المجعول بموارد وجود الملاك فكما أنه يكون حكما حقيقة في صورة المصادفة فكذلك في فرض المخالفة (قلت) إذا كان الغرض أخص من الحكم المجعول فإن كان الغرض من قبيل الملاكات أعني المصالح والمفاسد كما في باب العدة فلا محالة لا يوجب أخصية الغرض قصر المجعول بموارد وجود الملاك مع عدم تميزه خارجا ضرورة ان الملاك الأخص حينئذ يكون موجبا لجعل الحكم بنحو العموم حفظا للغرض الواقعي المتحقق في بعض الموارد واما إذا كان الغرض منه هو حفظ التكاليف الواقعية ورعايتهما تتميما للجعل وايصالا لها بطريقها حتى يكون التكليف الواقعي متحدا مع التكليف الطريقي في مقام الباعثية والمحركية فلا محالة ينحصر الحكم المجعول بموارد الإصابة دون الخطأ بداهة انه مع عدم التكليف الواقعي كيف يعقل جعل المتمم وإيصال الواقع ففرض المتممية والإيصال يتوقف على وجود الواقع وهو لا يكون الا مع الإصابة ويترتب على ذلك أمران (الأول) عدم استحقاق العقاب على مخالفة الطريق الا في فرض المصادفة وهو الذي أردنا اثباته في المقام
(٨٥)