المتنافيين والحاصل ان مرادنا من الترتب في المقام هو ترتب نفس الحكم الظاهري على الواقعي الرافع للتنافي بين الحكمين ولتوضيح ذلك نقدم مقدمات (الأولى) ان الأحكام الواقعية وإن كانت عامة لحال الشك فيها من باب نتيجة الاطلاق إلا انها تكون كذلك بما ان الشك صفة من الصفات وحالة من حالات المكلف وهو من هذه الجهة لم يؤخذ في موضوع أصل من الأصول وإنما أخذ فيها بما انه موجب لتحير المكلف من حيث العمل وهذا واضح جدا (الثانية) ان كل تكليف كان قاصرا عن القيام بالملاك الموجب لجعله لابد فيه من جعل المتمم وهذا على أقسام إذ قد يكون التكليف المجعول متمما في عرض التكليف الأول وهذا كوجوب قصد القربة على ما عرفت تفصيل الحال فيه في محله وأخرى يكون النتيجة المترتبة على جعل المتمم متحدة مع الوجوب المقدمي وهذا كإيجاب المقدمات المفوتة قبل وقت الواجب كما في وجوب الغسل قبل الفجر لمن يجب عليه صوم الغد (وثالثة) يكون نتيجته الوجوب الطريقي الموجب لتنجز التكليف الواقعي عند الإصابة وهذا كإيجاب الاحتياط الموجب لتنجز الواقع في ظرف الشك (ورابعة) يكون ثمرته وجوب الفحص كما في موارد الشك في القدرة والجامع بين الجميع هو قصور الجعل الأول عن القيام بالملاك والاحتياج إلى جعل آخر (الثالثة) ان حكم العقل والشرع بالبراءة والاحتياط ليس على نحو واحد إذ العقل ليس من شأنه إلا إدراك حسن العقاب المترتب عليه وجوب الاحتياط أو قبحه المترتب عليه الترخيص . إلا فليس من شأنه الترخيص أو التحريم وهذا بخلاف الشارع فإنه الحاكم بالترخيص أو التحريم ابتداء إذ الحكم إنما هو من شأنه ويترتب على حكمه بالإباحة والحرمة قبح العقاب وحسنه (والحاصل) ان قبح العقاب والترخيص أو حسن العقاب والحرمة أو إيجاب الاحتياط وإن كانا متلازمين إلا انهما يختلفان بالأصالة والتبعية بحسب حكم العقل والشرع (إذا عرفت) ذلك فنقول لا ريب في مضادة الأحكام الواقعية بعضها مع بعض وفي مضادة إيجاب الاحتياط مع رفع المجهول شرعا وفي مضادة الإباحة الظاهرية مع الحرمة كذلك وفي مضادة حكم العقل بقبح العقاب مع حكمه بصحة العقاب وحسنه وأما إيجاب الاحتياط مع الإباحة الظاهرية أو رفع المجهول شرعا مع الحرمة الظاهرية فتضادهما باعتبار استلزام إصالة الإباحة لرفع المجهول أو استلزام الحرمة الظاهرية لعدم رفعه فالتضاد بينهما بالعرض لا بالذات كما لا ريب في عدم مضادة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان مع الحرمة الواقعية أو حكمه بحسن العقاب مع الإباحة الواقعية إنما الاشكال
(٨٠)