بمعنى انه كما يسقط الاستصحاب باليقين على خلاف الحالة السابقة فكذلك يسقط بقيام الامارة على خلافها وهذا مما لا اشكال فيه (إنما الاشكال) في أن تقدم الامارة على الاستصحاب هل هو بالحكومة أو الورود أو التخصيص وقد تقدم في أول بحث البراءة الفرق بين التخصص والورود والحكومة والتخصيص وان الورود يشارك التخصص في ارتفاع الموضوع في مورده واقعا ويمايزه في أن الارتفاع في التخصص وجداني كارتفاع موضوع أدلة الأصول بقيام الدليل القطعي على ثبوت الحكم وفي الورود من جهة ثبوت التعبد بثبوت الحكم كارتفاع موضوع أدلة الأصول العقلية بورود التعبد والبيان من قبل الشارع كما أن الحكومة يشارك التخصيص في أنها توجب ارتفاع الحكم عن موضوعه إلا أنه يغايره في أن التخصيص يوجب ارتفاع الحكم مع عدم التصرف في عقد الوضع المنحل إلى قضية شرطية كما هو الشأن في تمام القضايا الحقيقية ولا في عقد الحمل وهذا بخلاف الحكومة فإنها في الغالب توجب التصرف في عقد الوضع وقد توجب التصرف في عقد الحمل مثلا إذا ورد الدليل في أن الشاك بين الثلاث والأربع يبني على الأربع فهو ينحل إلى قضية شرطية مقدمها وجود شاك بين الثلاث والأربع وتاليها وجوب البناء على الأربع فإذا ورد في الدليل أن الشاك بين الثلاث والأربع إذا كان مأموما لا يعتني بشكه فنسمي هذا بالتخصيص لأنه موجب لرفع الحكم الثابت لموضوعه لولا الدليل الخاص وأما إذا ورد في الدليل انه لا شك لكثير الشك فهو في الحقيقة وان لم يوجب ارتفاع الشك عن كثير الشك وجدانا بل هو رفع للحكم الثابت له لولا هذا الدليل فيكون في الحقيقة تخصيصا إلا أنه موجب للتصرف في عقد الوضع بالغاء الشك وفرض كثير الشك انه ليس بشاك والفرق بين الحكومة والورود مع كون كل منهما موجبا للتصرف في عقد الوضع في غير باب الحكومة بالتصرف في عقد الحمل أن الورود يوجب ارتفاع الموضوع بنفس التعبد وجدانا فإن المتعبد به وإن كان ثبوته بالتعبد إلا أن ثبوت التعبد وجداني وهو رافع للموضوع في مورد الورود فمثل قيام الامارة بحرمة شئ وثبوت التعبد به مع قطع النظر عن ثبوت النجاسة بهذا التعبد وإن كان لا ينفك عنه عقلا يكون بنفسه رافعا لموضوع الأصول العقلية من عدم البيان وما شابهه لفرض وجود البيان وتحققه ولكنه لا يكون رافعا لموضوع الأصول الشرعية وهو الشك بما انه مأخوذ طريقا اي بما انه موجب للتحير في الواقع إلا بعناية ثبوت الواقع بالتعبد فيشترك كل منهما في رفع الموضوع إلا أنه في الأول باعتبار ثبوت نفس التعبد وفي الثاني
(٤٥٣)