أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٦
بالاستصحاب لما عرفت من أن القول بوجود الحصص في الخارج دون نفس الكلي من الموهومات فإن الحصة انما تنتزع بعد إضافة الوجود إلى الكلي لا قبله فذات الموجود هو نفس الكلي وإن كان الموجود بما هو كذلك حصة (بل) لان الكلي انما يوجد في الخارج بوجودات متعددة وليس مجموع الوجودات وجودا واحدا شخصيا له بل هو موجود في كل وجود بوجود على حدة فما هو المتيقن من الوجودات متيقن الارتفاع وما هو مشكوك البقاء مشكوك الحدوث ولو تنزلنا عن ذلك وبنينا على وحدة الوجود الشخصي للكلي في الخارج فلا ريب ان ذلك انما هو بالنظر الدقيق العقلي والا فبالنظر العرفي تعدد الوجودات من أوضح البديهيات فعدم ترتيب الأثر على وجود الكلي بعد ارتفاع ما هو متيقن من الوجود لا يكون من باب نقض اليقين بالشك عرفا ومع عدمه لا يجري الاستصحاب كما سيجئ بيانه (واما القسم الثاني) فعدم جريان الاستصحاب فيه أوضح لعدم جريان التوهم الذي كان جاريا في القسم الأول في هذا القسم فلا حاجة إلى إطالة الكلام فيه (ثم إنه ربما يتوهم) انه على القول بجريان الاستصحاب في القسم الأول من أقسام القسم الثالث من استصحاب الكلي كما اختاره العلامة الأنصاري (قده) لابد من القول بعدم جواز الدخول في الصلاة لمن احتمل الجنابة في حال النوم بعد الوضوء فإنه وإن كان الحدث الأصغر الثابت بالنوم مرتفعا بالوضوء الا انه يحتمل مقارنته مع الحدث الأكبر الباقي بعد الوضوء فيستصحب بقاء كلي الحدث فيترتب عليه آثاره (ولكنه لا يخفى) فساد ذلك فإن وجوب الوضوء لم يترتب في الشريعة على نفس الحدث الأصغر بما هو بل عليه مع عدم الجنابة فإن قوله تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) وان لم يكن دالا على اعتبار عدم الجنابة في وجوب الوضوء الا ان قوله تعالى بعد ذلك (فمن جاء منكم من الغائط أو لامستم النساء ولم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) يستفاد منه امران (أحدهما) اعتبار وجدان الماء في وجوب الوضوء شرعا فيكون اعتبار القدرة في وجوبه شرعيا (وثانيهما) ان التكليف بالوضوء مختص بغير من كان جنبا وذلك لان التفصيل قاطع للشركة فمن كان مكلفا بغسل الجنابة لا يكون مكلفا بالوضوء لا محالة وكذلك العكس فيكون موضوع وجوب الوضوء مركبا من أمرين أحدهما وجودي وهو النوم وثانيهما عدمي وهو عدم الجنابة فإذا أحرز أحد الجزءين بالوجدان والآخر بالأصل فلا محالة يتحقق موضوع وجوب الوضوء شرعا الرافع للحدث والمبيح لكل ما هو مشروط بالطهارة فالشك في بقاء الحدث ناش من الشك عن تحقق
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»