هو مشكوك الذي هو موضوع الحكم الظاهري (ثم إنه) على تقدير الإغماض عن ذلك كيف يمكن أن يكون قوله (ع) طاهر أو حلال متكفلا للحكم الظاهري والواقعي معا فإن الحكم الواقعي لتأخر الحكم الظاهري عنه بمرتبتين لابد وأن يكون مفروض الوجود في ظرف ثبوت الحكم الظاهري كيف يمكن انشاؤهما معا في زمان واحد ومع قطع النظر عن ذلك أيضا كيف يمكن جعل العلم بالحرمة أو القذارة غاية للحكم الظاهري والواقعي مع أنه بنفس غاية للأول دون الثاني وانما يحتاج جعله غاية له إلى عناية اخذه طريقا إلى وجود غاية الحكم الواقعي أو رافعه كما سنبينه (وبالجملة) التنافي بين لحاظ الشئ مرسلا وغير ملحوظ فيه الشك الذي هو موضوع الحكم الواقعي وبين لحاظه مقيدا وملحوظا فيه الشك الذي هو موضوع الحكم الظاهري في القاعدة أو الاستصحاب في غاية الوضوح وعلى ذلك لابد من اختصاص الموضوع بأحدهما حتى يكون الحكم الثابت له متمحضا في الواقعية أو الظاهرية ولا ريب ان ظاهر الصدر في نفسه وإن كان هو لحاظ الشئ بعنوانه وكون الحكم الثابت له واقعيا الا ان ذيل الرواية وجعل الغاية هو العلم يكون قرينة متصلة على الخلاف فان الحكم الواقعي يكون مغيى بأمر واقعي من انقلاب الموضوع كما في انقلاب الخل خمرا أو حدوث أمر آخر موجب لارتفاع الحلية والطهارة من ملاقاة نجاسة ونحوها فإن الحكم الواقعي انما يرتفع بوجود غايته أو رافعه والا فالعلم بالنجاسة أو الحرمة لا يكون غاية للحكم الواقعي إلا أن يقال إن العلم في الرواية اخذ غاية بما انه طريق إلى الواقع وتكون النجاسة أو الحرمة اللتان تعلق بهما العلم كناية عن وجود سببهما فمعنى قوله (ع) كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر بعد تخصيصه بغير الأعيان النجسة ان كل شئ غير تلك الأعيان محكوم بالطهارة حتى يعرضه النجاسة بسبب ملاقاة النجاسة أو الغليان مثلا وحينئذ يكون المراد من الطهارة أو الحلية هي الطهارة أو الحلية الواقعيتان ويكون الغاية لهما هو حدوث ما يرفعهما ولا يخفى ان حمل الرواية على ذلك من مخالفة الظهور بمرتبة كاد ان يلحق بالمستحيل وعلى ذلك فتتمحض الروايات في بيان الحكم الظاهري فقط من دون تعرض لها لبيان الحكم الواقعي لا مستقلا ولا منضما إلى الحكم الظاهري وعلى ذلك يقع الكلام في أنه هل يمكن إرادة القاعدة والاستصحاب منها معا كما اختاره صاحب الفصول (قده) أو لا وعلى الثاني فهل الظاهر منها خصوص الاستصحاب أو خصوص القاعدة وعلى الثاني فهل هناك مانع عن الشمول للشبهات الحكمية والموضوعية معا أو تختص القاعدة بواحدة منهما كما اختاره المحقق
(٣٧٥)