المجعول فهما من الأمور الانتزاعية من التكليف أو الوضع وإذا قيستا إلى نفس الجعل فهما من الأمور الواقعية اللازمة لذات ما هو سبب أو شرط وحيث إن الكلام في المقام في شرائط المجعول دون الجعل صح ان يقال إن الأحكام الوضعية اما أن تكون مجعولة بنفسها أو منتزعة من المجعول كذلك * (بقي الكلام) * في أن الطهارة والنجاسة والصحة والفساد والرخصة والعزيمة هل هي من احكام الوضعية أو لا (فنقول) اما الطهارة والنجاسة فقد اختار العلامة الأنصاري (قده) كونهما من الأمور الواقعية التي كشف عنها الشارع وقد عرفت في المقدمة الثالثة عدم استقامة ذلك وان حالهما حال الملكية والزوجية ونحوهما مما هي مستقلة في الجعل واما الصحة والفساد ففي كونهما من الأحكام الوضعية أقوال (ثالثها) التفصيل بين العبادات أو المعاملات (ورابعها) التفصيل بين الصحة الواقعية والظاهرية فيلتزم بالمجعولية في الثانية دون الأولى والحق هو القول الرابع (بيان ذلك) ان الحكم الكلي المجعول على موضوعه المقدر وجوده وضعيا كان أو تكليفيا يستحيل كونه منشأ لاتصاف متعلقه أو موضوعه بالصحة أو الفساد مع قطع النظر عن الوجود الخارجي فالمتصف بالصحة أو الفساد هو الموجود الخارجي كالصلاة أو العقد مثلا باعتبار انطباق موضوع الحكم أو متعلقه عليه وعدم انطباقه وحيث إن الانطباق وعدمه واقعا ليسا من الأمور الجعلية بل من الأمور الواقعية التكوينية لا محالة لا يكون الصحة والفساد مجعولين تشريعا (وتوهم) ان الصحة انما تنتزع من ترتب الأثر على موضوعه وترتب الأثر في المعاملات جعلي فيكون الصحة كالفساد مجعولة شرعا (مدفوع) بان جعل الأثر على كلي المعاملة وإن كان بيد الشارع الا ان الصحة لا تنتزع من الجعل الكلي بل من الانطباق الخارجي وقد عرفت ان الانطباق أمر تكويني لا تشريعي ومن هنا يعلم أن الصحة في موارد الأوامر الواقعية الثانوية غير قابلة للجعل التشريعي أيضا فانا قد ذكرنا في بحث الاجزاء ان الامر بغير المقيد مع بقاء قيديته واقعا غير معقول فلا محالة يكشف الامر بالفاقد عن سقوط القيدية في هذا الحال فيكون انطباق المأتي به على المأمور به قهريا ومن الأمور التكوينية فالصحة لا تكون مجعولة ابدا هذا كله في موارد الأحكام الواقعية واما في موارد الاحكام الظاهرية فحيث انه يصح للشارع الحكم بانطباق المأمور به الواقعي على المأتي به خارجا بمقتضى أصل أو امارة وبعبارة أخرى اعتباره للموجود الخارجي مصداقا له في هذا الحال لا محالة يكون الصحة كعدمها قابلة لتعلق الجعل الشرعي بها فيكونان من الأحكام المجعولة وقد ذكرنا شطرا من الكلام في ذلك في بحث النهي
(٣٨٦)