إنما هي باعتبار اختلاف حقيقة الامر التعبدي والتوصلي ذاتا فان جعل الواجب التوصلي إنما هو لأجل الاتيان به بأي داع كان واما الواجب التعبدي فتشريعه انما هو لأجل التعبد به فهوية الامر التعبدي متكيفة بكيف ومتلونة بلون خاص لا يسقط الا بقصد التقرب فعند الشك في كون الواجب تعبديا أو توصليا لا يمكن الرجوع إلى البراءة لدوران الامر بين المتباينين (وأنت خبير) بأن المثال المذكور في كلامه لا ينطبق على شئ من الامرين المذكورين في كلامه (اما عدم) انطباقه على الغرض بالمعنى الذي فسرناه (فظاهر) إذ مصداقه منحصر بقصد القربة كما عرفت (وأما عدم) انطباقه على العنوان (فلان العنوان) المعلوم الموجب لعدم جواز الرجوع إلى البراءة الذي هو المأمور به في الحقيقة لا بد وأن يكون أمرا اختياريا لترتبه على فعل اختياري بلا وساطة شئ آخر ومن المعلوم ان اسهال الصفراء بالقياس إلى شرب الدواء ليس كذلك بل الشرب المذكور من علل اعداده فربما يترتب الاسهال عليه وأخرى لا يترتب فكيف يعقل أن يكون اسهال الصفراء الذي هو خارج عن اختيار المكلف عنوانا للمأمور به حتى يكون هو المأمور به في الحقيقة (هذا) بالنسبة إلى المثال (وأما) بالنسبة إلى أصل المطلب فاستثناء صورة معلومية العنوان من موضوع الحكم بالبرائة قد عرفت انه مقتضى التحقيق واما استثناء الغرض عن ذلك فليس بصحيح لما عرفت في بحث التعبدي والتوصلي من أن التفرقة بين الامرين انما هو بالجعل الثاني الموجب لنتيجة التقييد وان الجعل الثاني إذا كان ناشئا عن ملاك الجعل الأول يستحيل أن يكون مفاده إيجاب شئ في واجب آخر بل مورده ما إذا كان كل من الجعلين ناشئا عن ملاك غير ما هو ملاك الآخر فيكون مرجع الشك في التعبدية إلى الشك في جعل آخر وكونه موردا للبراءة في غاية الوضوح مع أن القول بالتفرقة بينهما بالغرض وان الامر التعبدي انما شرع لأجل التعبد به بحيث كان هذا من لوازم ذاته إنما يتم على مذهب صاحب الجواهر (قده) من لزوم الاتيان في العبادة بقصد امرها وهذا خلاف التحقيق حتى عنده (قده) بل اللازم إنما هو لزوم الاتيان بالعمل لله بأي داع كان من قصد الامر أو المحبوبية أو غيرهما من الدواعي القربية (مع انا) لو سلمنا ذلك (فغاية الامر) اتصاف الامر العبادي بوصف زائد على الامر التوصلي بعد اشتراكهما في مطلوبية ما تعلقا به فيكون مرجع الشك إلى اعتبار أمر زائد بعد معلومية مطلوبية أصل العمل فيكون من دوران الامر بين الأقل والأكثر فيرجع إلى البراءة وأين ذلك من دوران الامر بين المتباينين وأدلة البراءة عامة لكل
(٢٩١)