في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله فقال أبو جعفر (ع) لا تأكله فقال الرجل الفارة أهون علي من أن اترك طعامي لأجلها فقال له أبو جعفر (ع) انك لم تستخف بالفارة وإنما استخففت بدينك ان الله حرم الميتة من كل شئ (الخ) بتقريب انه عليه السلام جعل عدم الاجتناب عن الطعام الذي وقع فيه الفارة استخفافا بتحريم الميتة ولولا أن حرمة الشئ من جهة النجاسة كما هي المستفادة من الرواية مستلزمة لحرمة ملاقيه وهي من شؤونه لما صح جعله استخفافا بتحريم الميتة بل غايته أن يكون استخفافا بتحريم الطعام الملاقي لها فتدل الرواية على أن وجوب الاجتناب عن الملاقي من شؤون وجوب الاجتناب عن ما لاقاه (وقد) أجاب العلامة الأنصاري قدس سره بعد تضعيف الرواية من جهة السند بأن المراد من الحرمة فيها هي النجاسة فإن حرمة الشئ لا تستلزم نجاسته فضلا عن نجاسة ملاقيه (وأنت) خبير بأن مبنى الاستدلال على أن المستفاد من الرواية ملازمة حرمة الشئ من جهة نجاسته لحرمة ملاقيه فكأنه جعل من احكام نجاسة الشئ حرمة ملاقيه ونجاسته كحرمة نفسه والمقصود من الاستدلال هو اثبات ذلك لا أن مطلق حرمة الشئ مستلزمة لحرمة الملاقي حتى يلزم تخصيص الأكثر فيرفع اليد عن ظهور الرواية بإرادة النجاسة من الحرمة واما تضعيف الرواية فليس في محله بعد ورودها في كتاب الكافي فإن المناقشة في اخبار الكتب الأربعة لا سيما الكافي منها بعد كونها متلقاة بالقبول بين الأصحاب ساقطة من أصلها (فالتحقيق) في الجواب ان يقال إن الظاهر من الرواية ان جعل الإمام عليه السلام عدم وجوب الاجتناب عن الطعام استخفافا بتحريم الميتة من جهة ما هو المرتكز في ذهن السائل من أن النجاسة القليلة لا توجب تنجس الطعام الكثير بملاقاتها بل لابد فيه من التأثر والتغير فردعه الإمام عليه السلام بأنك ما استخففت بالفارة لصغرها وإنما استخففت بدينك حيث إن الله تبارك وتعالى حرم الميتة من كل شئ من دون فرق بين صغيره وكبيره فما يترتب على الميتة الكبيرة من تنجس الملاقي يترتب على ميتة الفارة أيضا فالرواية أجنبية عن محل الكلام بالكلية (نعم) لا يبعد ان يدعى ان المرتكز في ذهن السائل بل مطلق أهل العرف ان تنجس الملاقي من جهة السراية الا انها غير مسلمة لاحتمال أن يكون تخيل السائل لاعتبار غلبة النجاسة في الحكم بنجاسة الملاقي من جهة شرطية ذلك في التأثر بالملاقاة لا من جهة كون التنجيس من جهة السراية كما هو المستفاد من الأدلة الشرعية فان قولهم عليهم السلام إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شئ ظاهر في أن تأثر الملاقي من جهة الانفعال بالملاقاة فكما ان المتنجس الملاقي
(٢٥٨)