فيجري فيها أصالة الإباحة بلا معارض ولكنه لا يخفي عليك فساده (أما) بالنسبة إلى الأحكام الوضعية فلما ستعرف في محله من أنها مجعولات بأنفسها وغير منتزعة من احكام تكليفية فضمان المنافع والاثمار حكم مجعول فعلى مترتب على غصبية الشجرة والدار فإن تعلق الغصب بشئ كما يوجب دخوله تحت الضمان فكذلك يوجب دخول توابعه ولواحقه ولو لم تكن بموجودة فعلا ففعلية الحكم بالضمان الذي هو الميزان في التنجيز أجنبية عن فعلية المنافع والاثمار (واما) بالنسبة إلى الأحكام التكليفية فلان فعليتها وإن كانت تتوقف على فعلية موضوعاتها كما هو ظاهر الا ان المنافع والاثمار لكونها من شؤون الأعيان خارجا فملاك الحكم بحرمة التصرف فيها عند تحقق موضوعاتها يكون تاما من أول الأمر فكما يكون العلم الاجمالي موجبا لتنجز الأحكام المترتبة على نفس الأعيان فكذلك يوجب تنجز الأحكام المترتبة على ما يعد من شؤونها التابعة لها خطابا وملاكا ومجرد تأخر وجود الشئ عن ظرف وجود العلم بعد تمامية ملاك حكمه لا يكون مانعا عن تنجيزه ومن هنا يعلم حال الأحكام الوضعية على القول بعدم استقلالها في الجعل أيضا إذا عرفت ذلك (فنقول) ان نجاسة الملاقي للنجاسة اما أن تكون حكما شرعيا تعبديا ثابتا لموضوعه في عرض الحكم بنجاسة ما لاقاه أو تكون من شؤون نجاسته ومن جهة سراية النجاسة من الملاقى إلى الملاقي كما إذا امتزج المايع المتنجس بغيره من جنسه أو من غيره فكما ان الامتزاج يوجب اتساع النجاسة وانبساطها في الاجزاء فكذلك الملاقاة توجب الانبساط والاتساع فلا يكون الملاقي فردا آخر من النجس في قبال ما لاقاه بل نجاسته بعينها هي نجاسته فإن قلنا بالأول فلا يجب الاجتناب عن الملاقي لكونه فردا آخر شك في نجاسته وان قلنا بالثاني وجب الاجتناب عنه * (وتحقيق المقام) * انما يكون بتوضيح جهات (الأولى) في بيان ان النجاسة بالسراية أو لا فقد استدل على السراية بوجوه (الأول) ان العرف بعد حكم الشارع بنجاسة الملاقي يفهم سراية النجاسة إليه وانبساطها عليه كما في صورة الامتزاج (وفيه) انه لا طريق للعرف إلى فهم ذلك وعهدة دعوى فهمه على مدعيها بل غاية ما هناك انه حكم الشارع بنجاسة أمور في حد ذواتها وحكم بنجاسة أمور أخر بملاقاتها لها وأين ذلك من السراية (الثاني) قوله تعالى والرجز فاهجر بتقريب ان هجر الشئ لا يتحقق الا مع الاجتناب عن ملاقيه أيضا (وفيه) منع واضح فان الآية لا دلالة فيها على نجاسة الملاقي فضلا عن كون نجاستها من شؤون نجاسة ما لاقاه (الثالث) رواية الكافي عن أبي جعفر عليه السلام انه اتاه رجل فقال وقع فارة
(٢٥٧)