الامر إلى تقييد الدليل في عالم الاثبات فإن امكان التقييد يستلزم امكان الاطلاق لان التقابل بينهما من قبيل الاعدام والملكات فما لم يمكن الاطلاق فيه ثبوتا كيف يتصور فيه التقييد في عالم الاثبات حتى يقال إن الامر دائر بين التخصيص في المطلق وبين التخصيص في بعض الأحوال ليؤخذ بالمقدار المتيقن (وتوهم) ان التخصيص في المقام عقلي من جهة حكم العقل بعدم امكان الجمع في الجعل الظاهري فيؤخذ بالمقدار المتيقن أيضا (مدفوع) بأن حكم العقل في المقام في مرتبة سابقة على الجعل وفي مقام الثبوت ومعه لا يبقي مجال للاطلاق والتقييد في مقام الاثبات أصلا حتى يؤخذ بالمقدار المتيقن بلحاظ هذا المقام فيندرج في الضابط المزبور (فتلخص) من جميع ما ذكرناه انه لا مجال لاستفادة التخيير في مجاري الأصول في أطراف العلم الاجمالي بوجه أصلا فإذا لم يجر الأصل في شئ من الأطراف لا معينا ولا مخيرا فلابد من القول بوجوب الموافقة القطعية فإنه المترتب على بطلان تجويز المخالفة القطعية من جهة العلم بوجود التكليف الفعلي وعدم وجود المؤمن في شئ من الأطراف ومنه يظهر فساد القول بكون نفس العلم الاجمالي علة تامة لوجوب الموافقة القطعية فإنك قد عرفت عدم ترتبه عليه بنفسه فكيف يعقل كونه علة له بل ليس فيه اقتضاء لثبوته أيضا إلا معنى كونه من اجزاء علته والخطب فيه سهل بعد ما عرفت من أن القول به مترتب على سقوط الأصول في أطراف العلم بعد البناء على حرمة المخالفة القطعية (ومن هنا يتضح) انه لو كان في بعض أطراف العلم الاجمالي أصل أو امارة بلا معارض لأوجب انحلال العلم أو عدم تأثيره من أول الأمر فان تنجيز العلم الاجمالي يتوقف على تحقق العلم بالتكليف الفعلي على كل تقدير وعدم انحلاله فإذا لم يكن هناك علم بالتكليف كذلك كما إذا كان بعض الأطراف خارجا عن محل الابتلاء أو كان ولكن كان في بعض الأطراف منجز للتكليف بخصوصه كما إذا قامت الامارة على نجاسة بعض الأطراف بخصوصه أو كان مستصحب النجاسة أو كان من أطراف العلم الاجمالي بالنجاسة قبل هذا العلم فلا مانع من الرجوع إلى الأصل النافي في الطرف الآخر ومن هنا يعلم الملازمة العقلية بين سقوط الأصول في أطراف العلم الاجمالي وعدم انحلاله إذ متى كان الأصل جاريا في بعض الأطراف فلا محالة ينحل العلم به ويرجع معه إلى الأصل في الطرف الآخر (فالنزاع) في أن الملاك في وجوب الموافقة القطعية هل هو عدم انحلال العلم الاجمالي أو سقوط الأصول في أطرافه كما نقل عن بعض (فاسد) من أصله (وتوهم) انفكاكهما في مثل الكأسين المعلوم طهارة
(٢٤٥)