الجعل والمقام ليس كذلك واما خروجه عن مورد التزاحم فلان التزاحم انما يتحقق بعدم امكان الجمع بين الامتثالين اما لأجل كون أحد الحكمين بنفسه رافعا لموضوع الآخر كما في التكاليف المالية الرافعة لموضوع وجوب الحج أعني به الاستطاعة واما لأجل كون امتثال أحدهما رافعا لموضوع الآخر كما في مسألة الابتلاء بالغريقين مع عدم التمكن الا من انقاذ أحدهما فإن امتثال كل من التكليفين حينئذ يكون معجزا عن امتثال التكليف الآخر ورافعا لموضوعه أعني به القدرة ومن المعلوم ان التكليف الوجوبي في المقام مثلا ليس رافعا بنفسه ولا بامتثاله لموضوع التكليف الآخر وكذلك العكس بل التنافي في المقام انما نشأ من عدم التمكن من الجمع بين طرفي العلمين فإن مقتضى العلم الاجمالي بالوجوب هو الاتيان بكل من الطرفين كما أن مقتضى العلم الاجمالي بالحرمة هو ترك كل منهما والجمع بينهما غير ممكن فالتنافي انما هو بين احراز موافقة كل من التكليفين مع احراز موافقة الآخر لا بين نفس الامتثالين حتى يدخل المقام في كبرى التزاحم وعلى ذلك لا يكون لاحتمال الأهمية في أحد الحكمين مع عدم وصول ما يحتمل أهميته وتساوي نسبة العلم الاجمالي بالقياس إليه وإلى غيره اثر أصلا (نعم) يبقى هناك كلام بعد سقوط مراعاة الأهمية المحتملة في أن العقل هل يجوز فعلهما أو تركهما معا مع العلم بالمخالفة الاجمالية أم لا وسيأتي التعرض له في التنبيه الآتي إن شاء الله تعالى (الثاني) ان التخيير الثابت في المقام هل هو بدوي بمعنى انه لا يجوز للمكلف في الواقعة الثانية اختيار غير ما اختاره أولا من الفعل أو الترك أو هو استمراري وله اختيار كل من الفعل والترك في الواقعة الثانية كما كان له ذلك في أول الأمر ربما يقال بتعين الأول نظرا إلى أن تجويز التخيير الاستمراري مستلزم لتجويز المخالفة القطعية التدريجية فإنه لو اختار المكلف الفعل في واقعة والترك في واقعة أخرى فيحصل له العلم بالمخالفة في إحدى الواقعتين لا محالة (ولكن) التحقيق هو استمرارية التخيير لا لعدم تنجيز العلم الاجمالي في الأمور التدريجية كما توهمه بعض نظرا إلى خروج الواقعة الثانية فعلا عن الابتلاء فإذا علم المرأة بتحيضها في ضمن الشهر بثلاثة أيام مثلا فليس لها علم بتعلق تكليف فعلي في حقة على كل تقدير فإنا سنبين فيما سيأتي إن شاء الله تعالى عدم الفرق في تنجيزه بين ما إذا كان متعلقا بالأمور التدريجية أو غيرها فإن الامر المتأخر وإن لم يمكن توجيه الخطاب نحوه بناء على استحالة الواجب التعليقي كما هو الحق إلا أن تأخر الواجب لا يمنع من اشتماله على ملاك ملزم في حد نفسه فالمرأة لما علمت بتحقق الحيض منها في ضمن مجموع
(٢٣٤)